للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الملك أمرًا آخر، فعليكم بيانه لننظر فيه.

وأما التعليل الثاني، فكذلك أيضًا، ولا تظهر فيه مناسبة تقتضي الحكم، فإن كون الشيء مضمونًا على الشخص بجهة، ومضمونًا له بجهة أخرى غير ممتنع شرعًا ولا عقلًا، ويكفي في رده أنه لا دليل على امتناعه، كيف وأنتم تجوّزون للمستأجر إجارة ما استأجره، والمنفعة مضمونة له على المؤجر، وهي مضمونة عليه للمستأجر الثاني.

وكذلك الثمار بعد بُدُوِّ صلاحها إذا بِيعت على أصولها، فهي مضمونة على البائع إذا احتاجت إلى سقي اتفاقًا، وإن تلفت بجائحة فهي مضمونة عليه عند أحمد ومالك، ومع ذلك فله أن يبيعها على رؤوس الشجر وتصير مضمونةً عليه (١) وله.

ولهذا لمّا رأى أبو المعالي الجويني ضعف هذين التعليلين قال (٢): لا حاجة إلى ذلك، والمعتمد في بطلان البيع إنما هو الأخبار.

فالشافعي يمنع التصرف في المبيع قبل قبضه، ويجعله من ضمان البائع مطلقًا، وهو رواية عن أحمد، وأبو حنيفة كذلك إلا في العقار. وأما مالك وأحمد في المشهور من مذهبه (٣) فيقولان: ما تمكّن المشتري من قبضه وهو المتعين بالعقد، فهو من ضمان المشتري، ومالك يجوّز التصرف فيه وأحمد، ويقولان: المُمَكَّن من القبض جارٍ مجرى القبض على تفصيل في


(١) من قوله: «عند أحمد» إلى هنا ساقط من الأصل لانتقال النظر، واستدرك من (هـ).
(٢) في «نهاية المطلب في دراية المذهب» (٥/ ١٧٣).
(٣) (هـ): «مذهبهما».