للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والشرطين، وقالوا: يَبْطل البيعُ بالشرط الواحد (١) لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع وشرط (٢)، وأما الشروط الصحيحة فلا تؤثر في العقد وإن كثرت. وهؤلاء ألغوا التقييد بالشرطين، ورأوا أنه لا أثر له أصلًا.

وكل هذه الأقوال بعيدة عن مقصود الحديث، غيرُ مرادة منه.

فأما القول الأول، وهو أن يشترط حمل الحطب وتكسيره، وخياطة الثوب وقِصارته، ونحو ذلك= فبعيد، فإن اشتراط منفعة البائع في المبيع إن كان فاسدًا فسد الشرط والشرطان. وإن كان صحيحًا فأي فرق بين منفعة أو منفعتين أو منافع؟ لا سيما والمصححون لهذا الشرط قالوا: هو عقد قد جمع بيعًا وإجارة، وهما معلومان لم يتضمّنا غررًا، فكانا صحيحين. وإذا كان كذلك فما الموجِب لفساد الإجارة على منفعتين وصحتِها على منفعة؟ وأي فرق بين أن يشترط على بائع الحطب حملَه، أو حمله ونقلَه، أو حمله وتكسيرَه؟

وأما التفسير الثاني، وهو الشرطان الفاسدان، فأضعف وأضعف، لأن


(١) أي مما لا يقتضيه مطلق العقد وليس متعلقًا بمصلحته.
(٢) أخرجه وكيع في «أخبار القضاة» (٣/ ٤٦)، والطبراني في «الأوسط» (٤٣٦١)، والحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص ٣٩٣)، وأبو نعيم في «مسند أبي حنيفة» (ص ١٦٠)، وابن عبد البر في «التمهيد» (٢٢/ ١٨٥ - ١٨٦)، كلهم من طريق عبد الله بن أيوب القِرَبي الضرير، عن محمد بن سليمان الذهلي، عن عبد الوارث بن سعيد، عن أبي حنيفة، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
إسناده واهٍ ومتنه منكر، فعبد الله القِرَبي متروك، والذهلي لم أعثر له على ترجمة، ولفظه مخالف لما ثبت من طرق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «لا يحل شرطان في بيع». وانظر: «السلسلة الضعيفة» (٤٩١).