للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في موارده ومصادره, ويقبلها كلّ عقل سليم, ويشهد لها بالصحَّة.

وأما تعليل ذلك بمائة وثمانية أرطال بالدمشقي, أو بما يتحرّك أو لا يتحرّك, أو بعشرين ذراعًا مُكسَّرة (١) , أو بما لا يمكن نزحُه فأقوالٌ كلٌّ منها بكلٍّ مُعَارَضٌ, وكلٌّ بكلٍّ مُناقَض, لا يُشَمّ منها رائحة الحكمة, ولا يُشام منها بوارق المصلحة, ولا يَتَعطَّل بها المفسدة المَخُوفة.

فإنّ الرجل إذا علم أن النهي إنما تناول هذا المقدار من الماء، لم يبق عنده وازع ولا زاجر عن البول فيما هو أكثر منه. وهذا يرجع على مقصود صاحب الشرع بالإبطال. وكلّ شرط أو علة أو ضابط رجع (٢) على مقصود الشارع بالإبطال كان هو الباطل المحال.

ومما يدلّ على هذا: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ذكر في النهي وصفًا يدلّ على أنه هو المعتبر في النهي، وهو كون الماء "دائمًا لا يجري" ولم يقتصر على قوله: "الدائم" حتى نَبّه على العلة بقوله: "لا يجري"، فتقف النجاسة فيه, فلا يذهب بها. ومعلومٌ أنَّ هذه العلة موجودة في القلتين وفيما زاد عليهما.

والعجب من مناقضة المحدّدين بالقلتين لهذا المعنى, حيث اعتبروا القلتين حتى في الجاري, وقالوا: إن كانت الجَرْية قُلّتين فصاعدًا لم تتأثر بالنجاسة, وإن كانت دون القُلّتين تأثرت, وأَلْغَوا كون الماء جاريًا أو واقفًا,


(١) في الأصل و ط. المعارف: "مكثّرة"، وفي ش: "بكثرة"، وأثبتها الفقي في طبعته بالسين على الصواب. ومعنى "عشرين ذراعًا مكسّرة" أي: عشرين ذراعًا في عشرين ذراعًا. فهي عبارة يستعملها الحُسّاب في ضرب عددٍ في مثله. انظر: "طلبة الطلبة" للنسفي (ص ٢٦٧).
(٢) في ط: "يرجع" والرسم في الأصل محتمل، والمثبت موافق لما في (ش).