للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نجاسة الماء، وجمهور الأمة على طهارته, والقول بنجاسته من أشذّ الشاذّ, وكذا القول بصيرورته مستعملًا ضعيف أيضًا, وإن كان إحدى الروايتين عن أحمد, واختيارَ القاضي وأتباعه, واختيار أبي بكر وأصحاب أحمد، فإنه ليس في الحديث دليل على فساد الماء. وقد بينّا أن النهي عن البول فيه لا يدلّ على فساده بمجرَّد البول, فكيف بغَمْس اليد فيه من (١) النوم؟

وقد اختلف في النهي عنه, فقيل: تعبُّد. ويَردّ هذا القول: أنه معلَّل في الحديث بقوله: "فإنه لا يدري أين باتت يده".

وقيل: معلَّل باحتمال النجاسة, كبَثْرة في يديه, أو مباشرة اليد لمحل الاستجمار. وهو ضعيف أيضًا، لأن النهي عام للمستنجي والمستجمرِ, والصحيحِ وصاحبِ البثرات، فيلزمكم أن تخصوا النهي بالمستجمرِ, وصاحبِ البثور! وهذا لم يقله أحد.

وقيل ــ وهو الصحيح ــ: إنه مُعلّل بخشية مبيت الشيطان على يده, أو مبيتها عليه. وهذه العلة نظير تعليل صاحب الشرع [ق ١٧] الاستنشاق بمبيت الشيطان على الخيشوم، فإنه قال: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنشق بمِنْخَريه من الماء, فإن الشيطان يبيت على خيشومه" متفق عليه (٢). وقال هنا: "فإن أحدَكم لا يدري أين باتت يده"، فعلّل بعدم الدراية بمحلّ المبيت. وهذا السبب ثابت في مبيت الشيطان على الخيشوم، فإنّ اليد إذا باتت


(١) غير محررة في الأصل وتحتمل "حين" أو ما أثبتّ، وفي المطبوعتين: "فيه بعد القيام من ... " خلافًا للأصل.
(٢) أخرجه البخاري (٣٢٩٥) بنحوه وذكره بلفظه معلقًا في أحد تبويباته (٣/ ٣١)، ومسلم (٢٣٧) بلفظه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.