للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لا دليل فيه, والمسكوتَ عنه كثيرٌ من أهل العلم يقولون: لا يدلّ على شيء, فلم يحصل لهم بيان ولا فَصْلُ الحلال من الحرام.

والآخرون يقولون: لا بدّ من مخالفة المسكوت للمنطوق, ومعلومٌ أن مطلق المخالفة لا يستلزم المخالفة المطلقة الثابتة لكلِّ فردٍ فردٍ من المسكوت عنه, فكيف يكون هذا حدًّا فاصلًا؟ فتبيّن أنه ليس في المنطوق ولا في المسكوت فصلٌ ولا حدّ.

الثالث: أن القائلين بالمفهوم إنما قالوا به إذا لم يكن هناك سبب اقتضى التخصيصَ بالمنطوق, فلو ظهر سبب يقتضي التخصيص به لم يكن المفهوم معتبرًا, كقوله: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} [الإسراء: ٣١]، فذكر هذا القيد لحاجةِ المخاطَبين إليه, إذ هو الحامل لهم على قتلهم, لا لاختصاص الحكم به. ونظيره: {لَا (١) تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: ١٣٠] ونظائره كثيرة.

وعلى هذا فيحتمل أن يكون ذِكْر القلّتين وقع في الجواب لحاجة السائل إلى ذلك, ولا يمكن الجزم بدفع هذا الاحتمال. نعم لو أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال هذا اللفظ ابتداءً من غير سؤال اندفع (٢) هذا الاحتمال.

الرابع: أن حاجة الأمة ــ حَضَرِها وبَدْوها, على اختلاف أصنافها ــ إلى معرفة الفَرْق بين الطاهر والنجس ضرورية, فكيف يُحالون في ذلك على ما


(١) الأصل: "ولا".
(٢) ط. الفقي: "لاندفع" خلاف الأصل.