للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كالكتابة. ومعلوم أن قوله: «وإلا فقد عتق منه ما عتق» لا ينافي عتقه بالسعاية على هذا الوجه.

فغاية حديث ابن عمر أن يدل بمفهومه، فإن قوله: «عتق ما عتق» منطوقه وقوع العتق في الجزء المباشَر به، ومفهومه انتفاء هذا العتق عن الجزء الآخر، والمفهوم قد يكون فيه تفصيل، فيعتق في حال ولا يعتق في حال. وكذا يقول أصحاب السعاية في أحد قولَيهم (١): يعتق بأداء السعاية ولا يتنجَّز عتقه قبلها.

قالوا: وعلى هذا فقد وفَينا جميع الأحاديث مقتضاها، وعملنا بها كلها، ولم نترك بعضها لبعض.

قالوا: وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى امتناع الشركة بين الله وعبده في رقبة المملوك بقوله: «ليس لله شريك» (٢)، وهذا تعليل لتكميل الحرية، ولهذا أخرج الجزء المملوك عن مالكه قهرًا إذا كان الشريك المُعتِق موسِرًا، لرغبته في تكميل الحرية المنافية للشركة بين الله وعبده في رقبة المملوك. فإيجاب السعاية على العبد لتكميل حريته إذا كان قادرًا عليها أولى، لأن الشارع إذا أوجب على غير مالكه أن يَستفِكَّ بقيّتَه مِن الرق الذي هو أثر الكفر، فلأن يوجِب على العبد أن يستفكّ بقية رقبته مع كسبه وقدرته [ق ٢١٥] على تخليص نفسه أولى وأحرى.

وهذا في غاية الوضوح، وهو شبه الأسير إذا قَدَر على تخليص نفسه


(١) الأصل: «قولهم»، والمثبت موافق للطبعتين.
(٢) سبق في أحاديث «باب فيمن أعتق نصيبًا له من مملوك».