للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فطائفة قدمت أحاديث الدباغ عليه لصحتها وسلامتها من الاضطراب، وطعنوا في حديث ابن عكيم باضطرابه وبإرساله (١).

وطائفة قدَّمت حديث ابن عكيم لتأخُّره وثقةِ رواته، ورأوا أن هذا الاضطراب لا يمنع الاحتجاج به. وقد رواه شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم، فالحديث محفوظ.

قالوا: ويؤيده ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من النهي عن افتراش جلود السباع والنمور، كما سيأتي (٢).

وطائفة عَمِلت بالأحاديث كلها، ورأت أنه لا تعارض بينها، وحديث ابن عُكَيم إنما فيه النهي عن الانتفاع بأُهُب الميتة ــ والإهاب هو الجلد الذي لم يدبغ، كما قاله النضر بن شميل، وقال الجوهري (٣): الإهاب الجلد ما لم يدبغ، والجمع: أُهُب ــ

وأحاديث الدباغ تدل على الاستمتاع بها بعد الدباغ، فلا تنافي بينهما.

وهذه الطريقة حسنة لولا أن قوله في حديث ابن عكيم: «كنتُ رخَّصتُ


(١) وممن طعن فيه ابن معين كما في رواية ابن محرز (١/ ١٢٣).
(٢) عند أبي داود والمنذري في «باب في جلود النمور»، وفيه عدّة أحاديث، منها الحديث الطويل في وفود المقدام بن معديكرب على معاوية وفيه أن المقدام قال لمعاوية: أنشدك بالله، هل تعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لُبْس جلود السباع والركوب عليها؟ قال: نعم.
(٣) «الصحاح» (١/ ٨٩).