للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلو سلمنا أن التضمين كان تضمينَ إتلافٍ لم يجب مثله في العين الكاملة. والفرق بينهما: أن حق الشريك في العين التي لا تمكن [ق ٢٢٨] قسمتها في نصف القيمة مثلًا أو ثُلُثها، فالواجب له من القيمة بنسبة ملكه، ولهذا يُجبَر شريكه على البيع إذا طلبه ليتوصّل إلى حقه من القيمة. والنبي - صلى الله عليه وسلم - راعى ذلك وقوَّم عليه العبد قيمةً كاملة، ثم أعطاه حقه من القيمة، ولم يقوِّم عليه الشِّقْصَ وحده فيعطيه قيمته، فدل على أن حق الشريك في نصف القيمة. فإذا كان كذلك فلو ضَمَّنّا المُعتِقَ نصيب الشريك بمثله من عبد آخرَ لم نجبره على البيع إذا طلبه شريكه، لأنه إذا لم يكن له حق في القيمة بل حقه في نفس العين فحقُّه باقٍ منها.

قالوا: فظهر أنه ليس معكم أصل تقيسون عليه، لا من كتاب ولا سنة ولا إجماع. وقد ثبت في «الصحيح» (١): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اقترض بَكرًا وقضى خيرًا منه. واحتج به من يُجوِّز قرض الحيوان، مع أن الواجب في القرض رد المثل، وهذا يدل على أن الحيوان مِثليٌّ.

ومن العجب أن يقال: إذا اقترض حيوانًا ردَّ قيمته، ويقاس ذلك على الإتلاف والغصب، فيُترَك موجَبُ النص الصحيح لقياسٍ لم يثبت أصلُه بنصٍّ ولا إجماع! ومنصوص أحمد: أن الحيوان في القرض يُضمن بمثله. وقال بعض أصحابه: بل بالقيمة طردًا للقياس على الغصب. واختلف أصحابه في موجب الضمان في الغصب والإتلاف على ثلاثة أوجه (٢):


(١) «صحيح مسلم» (١٦٠٠) من حديث أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
(٢) انظر: «الإنصاف» (١٥/ ٢٥٤ - ٢٦١).