للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويدل عليه حديث عائشة الذي ذكره أبو داود في أول الباب، والنبي - صلى الله عليه وسلم - وَكَل العلمَ بعملهم إلى الله، ولم يقل: «الله أعلم حيث يستقرون وأين يكونون». فالدليل غير مطابق لمذهب هذه الطائفة.

وأما حديث ابن عباس في المنع من الكلام فيهم، ففي القلب من رفعه شيء (١)، وبالجملة فإنما يدل على ذم من تكلّم فيهم بغير علم، أو ضَرَب الأحاديث فيهم بعضها ببعض، كما فعل الذين أنكر عليهم كلامَهم في القَدَر. وأما من تكلم فيهم بعلمٍ وحقٍّ فلا يُذم.

القول الثاني: إن أطفال المشركين في النار. وهذا مذهب طائفة، وحكاه القاضي أبو يعلى روايةً عن أحمد (٢)، قال شيخنا (٣): وهو غلط منه على أحمد، وسبب غلطه أن أحمد سئل عنهم فقال: هم على الحديث، قال القاضي: أراد حديث خديجة إذ سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أولادها الذين ماتوا قبل الإسلام فقال: «إن شئتِ أسمعتك تضاغيهم في النار» (٤). قال شيخنا (٥):


(١) زاد المؤلف في «أحكام أهل الذمة» (٢/ ١٠٩٠) فقال: «والناس إنما رووه موقوفًا عليه، وهو الأشبه»، وقد سبق تفصيل ذلك في التخريج.
(٢) واختارها وبالغ ابنُه القاضي أبو الحسين فضمّن هذا القول في جزئه في «الاعتقاد» (ص ٣٤)!
(٣) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢٤/ ٣٧٢)، و «درء التعارض» (٨/ ٣٩٨).
(٤) هذا لفظ حديث بُهيّة عن عائشة، وقد سبق، وأما حديث خديجة فلفظه: «هما في النار». أخرجه عبد الله في زيادات «المسند» (١١٣١)، ولا يصح، في إسناده جهالة وانقطاع. وأخرجه أبو يعلى (٧٠٧٧) من طريق آخر، وفيه انقطاع أيضًا. انظر: «تفسير ابن كثير» (الإسراء: ١٥)، و «سير أعلام النبلاء (٢/ ١١٣)، و «الضعيفة» (٥٧٩١).
(٥) انظر: «منهاج السنة» (٢/ ٣٠٦)، و «درء التعارض» (٨/ ٣٩٨ - ٣٩٩).