وهذا حديث موضوع، وأحمد أجلّ من أن يحتج بمثله، وإنما أراد حديث عائشة:«الله أعلم بما كانوا عاملين».
والقول الثالث: إنهم في الجنة. واحتج هؤلاء بحديث سمرة الذي رواه البخاري.
واحتجوا بقوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء: ١٥]، وبقوله: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الملك: ٨ - ٩]، فهذا دليل على أن كل فوج يُلقى فيها لا بد وأن يكونوا قد جاءهم النذير وكذبوه، وهذا ممتنع في حق الأطفال.
واحتجوا بقوله تعالى لإبليس:{لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ}[ص: ٨٥]، قالوا: فإذا امتلأت منه ومن أتباعه لم يبق فيها موضع لغيرهم.
واحتجوا بقوله:{لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[النساء: ١٦٥]، قالوا: فالله تعالى لا يعذب أحدًا إلا بذنبه، فالنار دار عدله لا يُدخِلها أحدًا إلا بعمل، وأما الجنة فدار فضله يُدخِلها بغير عمل، ولهذا ينشئ للفضل الذي يبقى فيها أقوامًا يُسكِنُهموه.
وأما الحديث الذي ورد في بعض طرق البخاري (١): «وأما النار فينشئ الله لها خلقًا يسكنهم إياها» فغلط من الراوي انقلب عليه لفظه، وإنما هو:
(١) برقم (٧٤٤٩) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.