للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الشاعر (١):

فأوردتُهم ماءً بفَيفاءَ قفرةٍ ... وقد حلّق النجمُ اليماني فاستوى

وهذا لا يجوز أن يتأول فيه أحد: استولى، لأن النجم لا يستولي.

وقد ذكر النَّضْر بن شُمَيل ــ وكان ثقةً مأمونًا جليلًا في علم الديانة واللغة ــ، قال: حدثني الخليل ــ وحسبك بالخليل ــ قال: أتيت أبا ربيعة الأعرابي، وكان مِن أعلم مَن رأيتُ، فإذا هو على سطح، فسلَّمنا فردَّ علينا السلام وقال لنا: استووا، فبَقِينا متحيّرين ولم ندرِ ما قال، فقال لنا أعرابي إلى جنبه: أمركم أن ترتفعوا، قال الخليل: هو مِن قول الله عز وجل: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} [فصلت: ١١]، فصعدنا إليه.

وأما من نزع منهم بحديث عبد الله بن واقد الواسطي بإسناده (٢) عن ابن عباس: «{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} أي: استولى على جميع بريَّته، فلا يخلو منه مكان» = فالجواب أن هذا حديث منكر ونَقَلَته مجهولون ضعفاء، وهم لا يقبلون أخبار الآحاد العدول، فكيف يسوغ لهم الاحتجاج بمثل هذا من الحديث لو عقلوا أو أنصفوا؟!

أما سمعوا الله عز وجل حيث يقول: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ


(١) البيت بلا نسبة في «تهذيب اللغة» (٤/ ٢٦٥) ومنه في «اللسان» (صبح)، والرواية فيهما: «وصَبَّحْتُهم» أي أوردتهم صباحًا.
(٢) إسناده كما في «التمهيد» (٧/ ١٣٢): عبد الله بن واقد الواسطي، عن إبراهيم بن عبد الصمد، عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه، عن ابن عباس.