للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أصلًا؛ فإنَّ حديثَ جابر هذا إنما يدلّ على أن كونه ممسوسًا بالنار ليس جهة من جهات نقض الوضوء, ومَن نازعكم في هذا؟

نعم، هذا يصلح أن يحتجّوا به على من يوجب الوضوء مما مسَّت النار, على صعوبة تقرير دلالته. وأما من يجعل كون اللحم لحمَ إبل هو الموجِبَ للوضوء, سواء مَسَّته النار أم لم تمسّه، فيوجب الوضوءَ من نِيِّه ومطبوخه وقديده, فكيف يُحتجّ عليه بهذا الحديث؟ وحتى لو كان لحم الإبل فردًا من أفراده، فإنما تكون دلالته بطريق العموم, فكيف يُقدَّم على الخاص؟ هذا مع أن العموم لم يُسْتَفد ضِمْنَ كلامِ (١) صاحب الشرع, وإنما هو من قول الراوي.

وأيضًا: فأبْيَن مِن هذا كلّه: أنه لم يحكِ لفظًا, لا خاصًّا ولا عامًّا, وإنما حكى أمرين هما فعلان، أحدهما متقدِّم, وهو فعل الوضوء, والآخر متأخّر، وهو تركه مِن ممسوس النار. فهاتان واقعتان, توضّأ في أحدهما (٢) وترك


(١) "ضمن كلام" كتبه الناسخ لحقًا، ثم ضرب على "كلام" لوجوده في الصلب، ولكن مسبوقًا بحرف "مِن". فأصلح في طبعة الفقي هكذا: "ضمنًا من كلام"، وفي طبعة المعارف أصلحها إلى: "لم يستفد من كلام". ويظهر أن "مِن" تصحيف "ضمن". والله أعلم.
(٢) كذا في الأصل والوجه: "إحداهما". وقد تكرّر مثله في الكتاب في مواضع سبق بعضها.