للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بل كان يفعل مرةً هذا ومرةً هذا.

قال ابن مفوّز (١): وهذا كله تصحيحٌ للخطأ الفاسد بالخطأ البَيّن؛ أما حديث أبي إسحاق من رواية [ق ٢٩] الثوري وغيره فأجْمَع من تقدّم من المحدِّثين ومن تأخَّر منهم أنه خطأ منذ زمان أبي إسحاق إلى اليوم, وعلى ذلك تلقَّوه منه وحملوه عنه، وهو أول حديث أو ثان مما ذكره مسلم في كتاب "التمييز" (٢) له, مما حُمِل من الحديث على الخطأ.

وذلك أن عبد الرحمن بن الأسود (٣)، وإبراهيم النخعي ــ وأين يقَعُ أبو إسحاق من أحدهما, فكيف باجتماعهما على مخالفته؟! ــ رويا الحديثَ بعينه عن الأسود بن يزيد، عن عائشة: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان جُنُبًا فأراد أن ينام توضأ وضوءَه للصلاة" (٤) , فحكم الأئمة برواية هذين الفقيهين الجليلين عن الأسود على رواية أبي إسحاق عن الأسود، عن عائشة: "أنه كان ينام ولا يمسّ ماء", ثم عضدوا ذلك برواية عروة، وأبي سلمة بن


(١) تحرف في ط. الفقي إلى "معوذ"، وقد تقدمت ترجمته، وأن له كتابًا يردّ فيه على ابن حزم، فلعل النقل منه. وقد ذكر تعليله الحافظ في "التخليص": (١/ ١٤٩) وقال: "كذا قال! وتساهل في نقل الإجماع، فقد صححه البيهقي، وقال: إن أبا إسحاق قد بيَّن سماعه من الأسود في رواية زهير عنه ... وقال الدارقطني في "العلل": يُشبه أن يكون الخبران صحيحين ... ".
(٢) (ص ١٨١ - ١٨٢).
(٣) في الأصل: "يزيد" خطأ، فإن الحديث من رواية عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه، وليس عبد الرحمن بن يزيد، كما في "التمييز" ومصادر الحديث.
(٤) أما رواية إبراهيم النخعي فأخرجها مسلم (٣٠٥)، ورواية عبد الرحمن بن الأسود أخرجها أحمد (٢٦٣٤٢)، والدارمي (٧٥٧) بإسناد حسن.