للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تنقضه من الجنابة؟ فقال: حدثت أسماء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "تنقضه" (١).

فاختلف أصحابُه في نصِّه هذا؛ فحملَتْه طائفةٌ منهم على الاستحباب, وهو قول الشافعي ومالك وأبي حنيفة. وأجرَتْه طائفة على ظاهره, وهو قول الحسن وطاوس. وهو الصحيح, لِمَا احتجَّ به أحمد من حديث عائشة: "أن أسماء سألت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن غُسل المحيض؟ فقال: "تأخذ إحداكنّ ماءها وسدرها فتطهَّر, فتحسن الطهور, ثم تصبُّ على رأسها فتدلكه دلكًا شديدًا حتى تبلغ شؤونَ رأسِها" الحديث. رواه مسلم (٢).

وهذا دليل على أنه لا يُكتفَى فيه بمجرّد إفاضة الماء كغسل الجنابة, ولا سيما فإن في الحديث نفسه: وسألته عن غُسل الجنابة فقال: "تأخذ ماء فتطهّر (٣) فتحسن الطهور, أو تُبْلِغ الطهور, ثم تصبّ على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شؤونَ رأسِها. ثم تُفِيض عليها الماء"، ففرَّق بين غُسل الحيض والجنابة في هذا الحديث، وجعل غُسل الحيض آكد. ولهذا أمر فيه بالسدر المتضمِّن لنقضه.


(١) ذكر الرواية في "المغني": (١/ ٢٩٨)، وابن تيمية في "شرح العمدة": (١/ ٤٠٤، ٤٠٦) وما بين المعكوفين منهما. ووقع في "المغني": "لا تنقضه" وهو خطأ، وقد علّق ابن تيمية على كلمة "تنقضه" بقوله: "وإن لم تكن هذه اللفظة فيه (أي في حديث أسماء) والسياق الذي ذكرناه في المسألة قبل هذه، لكن فيه ذِكْر السدر، والسدر إنما يستعمل مع نقضٍ".
(٢) (٣٣٢).
(٣) كتب بعده في الأصل: "به" ثم ضرب عليه، وليس هو في "صحيح مسلم"، ولا في نسختي (ش، ن)، ولم ينتبه محققا الطبعتين فأثبتاه.