للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ميمونة وروى عنها حبيب, ولم يُعلَم أحدٌ جرحَها (١). والراوي إذا كانت هذه حاله إنما يُخْشَى منه تفرُّدُه بما لا يُتابَع عليه، فأما إذا روى ما رواه الناس وكان لروايته شواهد ومتابعات، فإن أئمة الحديث يقبلون حديث مثل هذا ولا يردّونه ولا يعللونه بالجهالة, فإذا صاروا إلى معارضة ما رواه لما هو أثبت منه وأشهر علَّلوه بمثل هذه الجهالة وبالتفرُّد. ومَن تأمّل كلامَ الأئمة رأى فيه ذلك, فيظن أن ذلك تناقضٌ منهم، وهو بمحض العلم والذوق والوزن المستقيم, فيجب التنبُّه لهذه النكتة, فكثيرًا ما تمرُّ بك في الأحاديث ويقع الغلط بسببها.

وأما مَخْرمة بن بُكير (٢) فقد قال أحمد وابن معين: إنه لم يسمع من أبيه شيئًا, إنما يروي عن كتاب أبيه, ولكن قال أحمد: هو ثقة, وقال أبو حاتم الرازي: سألتُ إسماعيل بن أبي أويس: هذا الذي يقول مالك: حدثني الثقة, من هو؟ قال: مخرمة بن بُكَير بن الأشج. وقال إسماعيل بن أبي أويس: وجدتُ في ظهر كتاب مالك: سألت مخرمة بن بكير: ما يحدِّث به عن أبيه, سمَعه من أبيه؟ فحلف لي وقال: [ق ٣٢] وربِّ هذا البيت ــ يعني المسجد ــ سمعتُ من أبي. وقال مالك: كان رجلًا صالحًا, وقال النسائي: ليس به بأس, وقال أحمد بن صالح: كان من ثقات المسلمين.


(١) ذكرها ابن حبان في "الثقات": (٥/ ٤٨٧)، وقال ابن حجر في "التقريب": مقبولة، وذكرها الذهبي في "الميزان": (٤/ ٦١٠) في عداد المجهولات.
(٢) ترجمة مخرمة في "تاريخ الدوري": (٢/ ٥٥٣ - ٥٥٤) وضعَّفه ابن معين، و"سؤالات ابن الجنيد" (ص ٢٢٧)، و"العلل" (٥٥٩٢، ٥٥٩٣، ٤١١٩) لعبد الله بن أحمد، و"الجرح والتعديل": (٨/ ٣٦٣)، و"تهذيب التهذيب": (١٠/ ٧٠). والظاهر أنه لم يسمع من أبيه إلا شيئًا يسيرًا، وروايته عن أبيه وجادة.