للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

«الصحيحين» (١) من حديث جابر: «أنه استفتح بهم بسورة البقرة, فانفرد بعضُ القوم وصلى وحدَه، فقيل: نافقَ فلانٌ؟ فقال: والله ما نافقتُ, ولآتينَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه فأخبره, فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حينئذٍ: «أفتَّانٌ أنتَ يا معاذ؟ هلَّا صليتَ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} , {الشَّمْسِ وَضُحَاهَا} , {اللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}».

وهكذا نقول: إنه يستحبُّ أن تُصلَّى العشاءُ بهذه السور وأمثالها. فأيُّ متعلَّقٍ في هذا للنقَّارين وسُرَّاق الصلاة؟!

ومن المعلوم أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يؤخِّر عشاءَ الآخرة، وبُعْد ما بين بني عَمرو بن عوف وبين المسجد, ثم طول سورة البقرة= فهذا الذي أنكره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو موضع الإنكار, وعليه يُحْمَل الحديث الآخر: «يا أيها الناس، إن منكم مُنَفّرين» (٢).

ومعلومٌ أن الناسَ لم يكونوا يَنْفِرون من صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا ممن يصلِّي بقَدْرِ صلاته, وإنما ينفرون ممن يزيد في الطول على صلاته, فهذا الذي يُنَفِّر. وأما إن قُدِّر نفور كثير ممن لا يأتون الصلاة إلا وهم كُسالى, وكثير من الباطولية الذين يعتادون النَّقْر كصلاة المنافقين, وليس لهم في الصلاة ذوق ولا لهم فيها راحة, بل يصليها أحدُهم استراحةً منها لا بها, فهؤلاء لا عبرة بنفورهم, فإنَّ أحدَهم يقف بين يدي المخلوق مُعْظَمَ اليوم, ويسعى في خدمته أعظم السعي, فلا يشكو طولَ ذلك ولا يتبرَّمُ به, فإذا وقف بين يدي ربِّه في خدمته جزءًا يسيرًا من الزمان, وهو أقلّ القليل بالنسبة


(١). تقدم.
(٢). أخرجه البخاري (٧٠٢)، ومسلم (٤٦٦) من حديث أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه -.