للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثاني عشر: أنه لا يُظنّ بالصحابة الذين هم أصحُّ الناس أذهانًا وأفهامًا, وأَطْوَعهم لله ولرسوله= أنهم لم يفهموا جواز العمرة في أشهر الحج, وقد عملوها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أعوام, وأذن لهم فيها, ثم فهموا ذلك من الأمر بالفسخ.

الثالث عشر: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إما أن يكون أمرهم بالفسخ لأن التمتُّع أفضل, فأمرهم بالفسخ إلى أفضل الأنساك, أو يكون أمرهم به ليكون نُسُكهم مخالفًا للمشركين في التمتُّع في أشهر الحج, وعلى التقديرَين, فهو مشروع غير منسوخ إلى الأبد. أما الأول فظاهر, وأما الثاني فلأن الشريعة قد استقرَّت ــ ولا سيما في المناسك ــ على قَصْد مخالفة المشركين, فالنُّسُك المشتمل على مخالفتهم أفضل بلا ريب, وهذا واضح.

الرابع عشر: أن السائل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: «عمرتنا هذه لعامنا أم للأبد؟» (١) لم يُرِد به أنها هل تُجزئ عن تلك السَّنَة فقط, أو عن العمر كلّه؟ فإنه لو كان مراده ذلك لسأل عن الحجِّ الذي هو فرض الإسلام, ومن المعلوم أن العمرة إن كانت واجبةً لم تجب في العُمُر إلا مرةً واحدةً. ولأنه لو أراد ذلك لم يقل له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بل لأبد الأبد» فإن أبدَ الأبدِ إنما يكون في حقِّ الأمة قومًا بعد قوم (٢) إلى يوم القيامة, و «أبد (٣) الأبد» لا يكون في حقِّ طائفة معينة,


(١) هذا نفسه حديث الباب السالف، وهذا لفظ النسائي في «المجتبى» (٢٨٠٥) وفي الكبرى (٣٧٧٣)، وأحمد (١٤١١٦).
(٢) في النسخ المخطوطة والمطبوعات: «قومًا يعرفون»! ولعل الصواب ما أثبت بدليل السياق واحتمال الرسم لها.
(٣) ط. الفقي: «وأن الأبد» خلاف الأصل.