للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لا يتناقضون في روايتهم, بل رواياتهم يصدِّقُ بعضُها بعضًا, وإنما وقع الإشكال حيث لم تقع الإحاطة بمعرفة مراد الصحابة ولغتهم, فإنهم كانوا يسمّون القِرانَ تمتعًا, كما في «الصحيحين» من حديث ابن عمر وقد تقدم, وحديث عليّ: «أن عثمان لما نهى عن المُتعة قال علي: لبيك بهما, وقال: لم أكن لأدع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقول أحد» (١).

ومن قال: أفرد الحج, لم يقل أفرد إهلال الحجِّ وإنما مرادُه أنه اقتصر على أعمال الحجِّ ودخلت عمرتُه في حجّه، فلم يُفرد كلَّ واحد من النُّسُكَين بعمل، ولهذا أخبر أيضًا أنه قَرَن، فعُلِم أن مراده بالإفراد ما ذكرنا.

ومَن قال: «تمتع» أراد به التمتُّع العام الذي يدخل فيه القِران بنصّ القرآن, في قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] والقارن داخل في هذا النص، فتمتَّع - صلى الله عليه وسلم - بِتَرَفُّهِه بسقوط أحدِ السَّفَرين، وقَرَن بجَمْعِه في إهلاله بين النُّسُكَيْن، وأفرد فلم يطُفْ طوافَين ولم يَسْعَ سَعْيين. ومن تأمل [ق ٦٢] الأحاديث الصحيحة في هذا الباب جزم بهذا, وهذا فَصْل النزاع, والله أعلم.

١٠٧/ ١٧٢٩ - وعن ابن عباس أن معاويةَ قال له: «أما علمتَ أني قَصَّرت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمِشْقَصِ أعرابيٍّ، على المروة لحجَّتِه؟».

وأخرجه النسائي (٢)، وليس فيه «لحجته». وقوله: «لحجته» يعني لعمرته.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه أبو داود (١٨٠٣)، والنسائي (٢٩٨٨)، وأحمد (١٦٨٨٤) وإسناده صحيح.