للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ما فاته من الإهلال حيث كان ساق الهدي, حتى إن بعض أصحابه ممن لم يكن ساق الهدي لم يحلّوا, حيث رأوه - صلى الله عليه وسلم - لم يحلّ, حتى كان مِن أمره ما وصفنا مِن دخوله - صلى الله عليه وسلم - على عائشة وهو مُغْضَب, فلما كان يوم التروية، وأحرم المتمتعون، خرج - صلى الله عليه وسلم - إلى منى وهو يُهلّ بالحج مفردًا, إذ العمرة التي قد أهلّ بها في أول الأمر قد انقضَتْ عند دخوله مكة بطوافه بالبيت, وسعيه بين الصفا والمروة. فحكى ابنُ عمر وعائشةُ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفردَ الحجَّ, أرادا أنَّ (١) خروجه إلى منى من مكة من غير أن يكون بين هذه الأخبار تضادّ أو تهاتُر. وفقنا الله لما يحبُّه من الخضوع عند ورود السنن إذا صحّت والانقياد لقبولها، واتهام الأنفس وإلزاق العيب (٢) بها إذا لم يوفَّق لإدراك حقيقة الصواب, دون القدح في السنن, والتعريج على الآراء المنكوسة والمقاييس المعكوسة, إنه خير مسؤول. تمّ كلامه (٣).

وطائفة قالت (٤): كان مفرِدًا أولًا, ثم أدخل العمرةَ على الحج, فصار قارنًا, فظنوا أن ذلك من خصائصه, وأنهم يجمعون بذلك بين الأحاديث. وهذا مع أن الأكثر لا يُجَوِّزونه, فلم تأتِ لفظةٌ واحدة تدلُّ عليه, بخلاف الأول, فإنه قد قاله طائفةٌ, وفيه أحاديث صحاح.


(١) ط. الفقي: «أرادا» وأسقط «أن»، وط. المعارف: «أرادان»! وفي ابن حبان: «أراد من».
(٢) ط. الفقي: «الخطأ»!
(٣) أي ابن حبان، وأول كلامه (ص ٣٢٢).
(٤) واختاره القاضي عياض والنووي والعراقي وابن حجر وغيرهم، ينظر «طرح التثريب»: (٥/ ١٨ - ٢٢)، و «شرح مسلم»: (٨/ ١٣٥ - ٢٣٥)، و «فتح الباري»: (٣/ ٤٣٠).