للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اصطياده وأكله.

وقالت طائفة: ما صاده الحلالُ للمحرِمِ ومِن أجله, فلا يجوز له أكله, [و] (١) ما لم يَصِدْه من أجله, بل صاده لنفسه أو لحلال, لم يَحْرُم على المُحْرِم أكلُه, وهذا قول مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهم, وقول إسحاق وأبي ثور (٢). قال ابن عبد البر (٣): وهو الصحيح عن عثمان في هذا الباب.

قال: وحجة من ذهب هذا المذهب: أنه عليه تصحّ الأحاديث في هذا الباب, وإذا حُمِلت على ذلك لم تتضادّ ولم تختلف ولم تتدافع, وعلى هذا [ق ٧١] يجب أن تُحْمَل السنن ولا يُعارَض بعضُها ببعض ما وُجِد إلى استعمالها سبيل. تم كلامه.

وآثار الصحابة كلُّها في هذا الباب إنما تدلُّ على هذا التفصيل؛ فروى البيهقيُّ (٤) من حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: «رأيتُ عثمانَ بن عفان بالعَرْج في يوم صائف وهو محرم، وقد غطَّى وجهَه بقطيفةِ أرجوان, ثم أُتيَ بلحمِ صيدٍ, فقال لأصحابه: كلوا, قالوا: ألا تأكل أنتَ؟ قال: إني لست كهيئتكم, إنما صِيْدَ من أجلي».

وحديث أبي قتادة والبَهْزيّ وطلحة بن عُبيد الله قضايا أعيان لا عموم لها, وهي تدلّ على جواز أكل المحرم من صيد الحلال, وحديثُ


(١) زيادة يستقيم بها السياق، وأصلحها في ط. الفقي: «فأما ما لم».
(٢) ينظر «التمهيد»: (٢١/ ١٥٣)، و «نهاية المطلب»: (٤/ ٤٠٨ - ٤٠٩)، و «المغني»: (٥/ ١٣٥)، و «مسائل الكوسج»: (٥/ ٢٢٤٢).
(٣) في «التمهيد»: (٢١/ ١٥٣ - ١٥٤)، وينظر «الاستذكار»: (١١/ ٢٧٧).
(٤) في «الكبرى»: (٥/ ١٩١)، وأخرجه مالك في «الموطأ» (١٠١٦).