للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وسياق الكلام يشهد ببطلانه.

وقال البيهقي (١): «أراد به أصحابَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الذين كانوا قارنين خاصة. فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان مفرِدًا, وأمر أصحابَه أن يحلُّوا مِن إحرامهم إلا مَن ساق الهَدْيَ, فاكتفى هو وأصحابُه القارنون بطواف واحد».

وهذا بعيدٌ جدًّا, فإن الذين قَرَنوا من أصحابه كلّهم حلُّوا بعمرة إلا من ساق الهدي من سائرهم, وهم آحاد يسيرة, لم يبلغوا العشرة بل ولا الخمسة, بل الحديث ظاهرٌ جدًّا في اكتفائهم كلّهم بطوافٍ واحدٍ بين الصفا والمروة, ولم يأتِ لهذا الحديث معارِضٌ إلا حديث عائشة. وقد ذَكَر بعضُ الحفَّاظ أن تلك الزيادة من قول عروة لا من قولها.

وقد ثبت عن ابن عباس اكتفاء المتمتِّع بسعيٍ واحد؛ روى الإمام أحمد في مناسك ابنه عبد الله (٢)، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن عطاء, عن ابن عباس أنه كان يقول: «القارن والمفرد والمتمتع يجزيه طوافٌ بالبيت, وسعيٌ بين الصفا والمروة».

ولكن في «صحيح البخاري» (٣) عن عكرمة, عن ابن عباس: «أنه سُئل عن مُتْعَة الحجّ؟ فقال: أهلَّ المهاجرون والأنصارُ وأزواجُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في حَجَّة الوداع وأهْلَلْنا, فلما قدمنا مكةَ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اجعلوا إهلالَكم بالحجِّ عمرةً, إلا من قلَّدَ الهَدْي» , طفنا بالبيت وبالصفا والمروة, وأتينا


(١) في «السنن الكبرى»: (٥/ ١٠٦) بنحوه، وينظر «معرفة السنن»: (٤/ ٩٦ - ٩٧).
(٢) «المناسك» لم يُعثر عليه، وليس في «المسائل» المطبوعة، وذكره شيخ الإسلام في «الفتاوى»: (٢٦/ ٣٩)، وفي «شرح العمدة»: (٥/ ٢٧٩).
(٣) (١٥٧٢).