للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن حزم (١): وكانت حجَّته في آذار, ولا يتسع النهارُ لِفِعْل هذا جميعه, مع الإفاضة إلى البيت والطواف وصلاة الركعتين, ثم يرجع إلى منى, ووقت الظهر باق.

وقالت طائفة, منهم شيخ الإسلام ابن تيمية (٢) وغيره: الذي يترجَّح أنه إنما صلى الظهرَ بمنى لوجوه:

أحدها: أنه لو صلى الظهرَ بمكة لنَابَه (٣) عنه في إمامة الناس بمنى إمامٌ يصلي بهم الظهرَ, ولم يُنْقَل ذلك قطّ (٤). ومُحالٌ أن يصلي بالمسلمين الظهرَ بمِنَى نائبٌ له, ولا ينقلُه أحدٌ, فقد نقلَ الناسُ نيابةَ عبد الرحمن بن عوف لما صلى بهم الفجرَ في السفر, ونيابةَ الصديق لما خرج - صلى الله عليه وسلم - يصلح بين بني عَمرو بن عوف, ونيابته في مرضه. ولا يحتاج إلى ذِكْر مَن صلى بهم بمكة, لأن إمامهم الراتب الذي كان مستمرًّا على الصلاة قبل ذلك وبعده, هو الذي كان يصلي بهم.

الثاني: أنه لو صلى بهم بمكة لكان أهل مكة مقيمين, فكان يتعيَّن عليهم الإتمام, ولم يقل لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أتمُّوا صلاتَكم فإنا قوم سَفْر» كما قاله في


(١) في «حجة الوداع» (ص ٢٩٥).
(٢) لم أجد بحث شيخ الإسلام صراحةً في هذه المسألة، لكن في «مجموع الفتاوى»: (٢٤/ ١٢٥ و ١٥٧ - ١٥٩ و ٢٦/ ١٣٠، ١٧٠) ما يشير إلى اختياره في المسألة.
(٣) ط. الفقي: «لأناب عنه».
(٤) ط. الفقي: «أحد» بدلًا من «قط» وهو تصرف في النص، وفي ط. المعارف: «ذلك أحدٌ قط» فأضاف كلمة «أحد» ولا وجود لها في الأصل، ولعل سبب التباس الجملة أنهم قرأوا الفعل «ينقل» مبنيًّا للمعلوم، وبقراءته مبنيًّا للمجهول ينحل الإشكال.