للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غزاة الفتح (١).

الثالث: أنه يمكن اشتباه الظهر المقصورة بركعتي الطواف, ولا سيما والناس يصلونهما معه, ويقتدون به فيهما فظنَّهما الرائي الظهرَ. وأما صلاته بمنى والناس خلفه فهذه لا يمكن اشتباهها بغيرها أصلًا, لا سيما وهو - صلى الله عليه وسلم - كان إمام الحجِّ الذي لا يصلي لهم سواه, فكيف يدعهم بلا إمام يصلون أفرادًا ولا يقيم لهم من يصلي بهم؟ هذا في غاية البعد.

وأما حديث عائشة فقد فَهِم منه جماعةٌ ــ منهم المحبّ الطبري (٢) وغيره ــ أنه صلى الظهر بمنى, ثم أفاض إلى البيت بعد ما صلى الظهر, لأنها قالت: «أفاضَ مِن آخر يومه حين صلى الظهر, ثم رجع إلى منى» (٣).


(١) أخرجه أبو داود (١٢٢٩)، وأحمد (١٩٨٦٥) من حديث عمران بن حصين، وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان فيه ضعف.
(٢) المحبّ الطبري هو: أحمد بن عبد الله أبو العباس المكي الشافعي (ت ٦٩٤). ينظر «تاريخ الإسلام»: (١٥/ ٧٨٤)، و «طبقات الشافعية»: (٨/ ١٨ - ٢٠). وكلامه في «الأحكام الكبرى»: (٥/ ٢٦٥).
(٣) وسبقه إلى هذا الإمام ابن خزيمة فقال في «الصحيح» عقب حديث (٢٩٥٦): «وأحسب أن معنى هذه اللفظة (التي في خبر عائشة) لا تضادّ خبر ابن عمر، لعل عائشة أرادت: أفاض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من آخر يومه حين صلى الظهر بعد رجوعه إلى منى، فإذا حُمِل خبر عائشة على هذا المعنى لم يكن مخالفًا لخبر ابن عمر، وخبر ابن عمر أثبت إسنادًا من هذا الخبر، وخبر عائشة ما تأولتُ من الجنس الذي نقول: إن الكلامَ مقدّم ومؤخر ... فمعنى قول عائشة على هذا التأويل: أفاض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من آخر يومه ثم رجع حين صلى الظهر، فقدَّم «حين صلى الظهر» قبل قوله: «ثم رجع» ... ».