للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالوا: ولعله صلى الظهر بأصحابه, ثم جاء إلى مكة فصلى الظهر بمَن لم يصل, كما قال جابر, ثم رجع إلى منى، فرأى قومًا لم يصلوا فصلى بهم ثالثة, كما قال ابن عمر.

وهذه خرفشةٌ (١) في العلم, وطريقة يسلكها القاصرون فيه, وأما فحول أهل العلم فيقطعون ببطلان ذلك, ويحيلون الاختلافَ على الوهم والنسيان, الذي هو عُرضة البشر. ومَن له إلمام بالسنة ومعرفة حجّه (٢) - صلى الله عليه وسلم -, يقطعُ بأنه لم يصلِّ الظهرَ في ذلك اليوم ثلاثَ مرّات بثلاث جماعات, بل ولا مرتين. وإنما صلاها على عادته المستمرَّة قبل ذلك اليوم وبعده - صلى الله عليه وسلم -.

وفَهِم منه آخرون ــ منهم ابن حزم وغيره ــ أنه أفاض حين صلاها بمكة (٣).

وفي نسخة من نسخ «السنن»: «أفاض حتى صلى الظهر ثم رجع» (٤). وهذه الرواية ظاهرة في أنه صلاها بمكة, كما قال جابر, ورواية «حين» محتملة للأمرين, والله أعلم.

١٣٤/ ١٩١٦ - وعن أم سلمة قالت: كانت ليلتي التي يصير إليَّ فيها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مساءَ يومِ النحر، فصار إليَّ، فدخل عليَّ وَهْب بن زَمْعَة، ومعه رجلٌ من آل أبي أُمية مُتَقَمِّصَيْنِ. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لوهب: «هل أفَضْتَ أبا عبد الله؟»، قال:


(١) الخرفشة والخربشة والخرمشة: الفساد والتشويش. ينظر «اللسان»: (٦/ ٢٩٥).
(٢) كذا في الأصل و (ش)، وط. الفقي: «بحجته».
(٣) ينظر «حجة الوداع» (ص ٢٠٩).
(٤) نقل هذا اللفظ ابنُ حزم في «حجة الوداع» (ص ٢٠٩ - ٢٩٨) بإسناده إلى «سنن أبي داود» برواية ابن الأعرابي وابن داسة. وهو لفظ الدارقطني في «سننه» (٢٦٨٠).