للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال غيره (١): هذا الحُكم كان مباحًا مشروعًا في صدر الإسلام، وإنما أباحه النبي عليه السلام للسبب الذي ذكره ابنُ مسعود، وإنما كان ذلك يكون في أسفارهم، ولم يبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أباحه لهم وهم في بيوتهم، ولهذا نهاهم عنها غير مرة ثم أباحها لهم في أوقات مختلفة، حتى حرمها عليهم في آخر أيامه عليه السلام، وذلك في حجة الوداع، وكان تحريم تأبيدٍ لا تأقيت، فلم يبق اليوم في ذلك خلاف بين فقهاء الأمصار وأئمة الأمة، إلا شيئًا ذهب إليه بعض الشيعة، ويروى عن ابن جُريج جوازه.

وقوله: «للسبب الذي ذكره ابن مسعود» وهو قول ابن مسعود: «كنّا نغزو مع رسول الله ليس معنا نساء فقلنا: ألا نستخصي، فنهانا عن ذلك، ثم رخّص لنا أن ننكح المرأةَ بالثوب إلى أجل». أخرجاه في «الصحيح» (٢).

قال ابن القيم - رحمه الله - (٣): وأما ابن عباس, فإنه سَلَك هذا المسلك في إباحتها عند الحاجة والضرورة, ولم يُبِحْها مُطلقًا, فلما بلغه إكثارُ الناس منها رَجَع, وكان يحملُ التحريمَ على مَن لم يحتج إليها.

قال الخطَّابي (٤): حدثنا ابن السمَّاك, حدثنا الحسن بن سلام، حدثنا الفضل بن دُكَين، حدثنا عبد السلام، عن الحجَّاج، عن أبي خالد، عن المِنْهال، عن ابن جُبير قال: «قلت لابن عباس: هل تدري ما صنعت, وبما


(١) هو الحازمي في «الاعتبار»: (٢/ ٦٣٠).
(٢) أخرجه البخاري (٤٦١٥)، ومسلم (١٤٠٤).
(٣) ذكر المجرِّد أن ابن القيم علق على كلام المنذري، وليس في طبعة «المختصر» كلام له، ونقلنا كلام المنذري بطوله من طرّة المخطوط (٨٥ ب نسخة المحمودية) و (ق ١٧٨ نسخة دار الكتب».
(٤) في «معالم السنن»: (٢/ ٥٥٩ - بهامش السنن).