للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورضا المرأة, لأنه جَعَل ذلك إليه دون غيره, ودلالة القرآن على هذا أظهر من هذه الدلالة، قال تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة:٢٢٨] فجعل الأزواجَ أحقَّ بالرجعة من المرأة والولي.

واختلفوا في قوله: «مُرْه فليراجعها» هل الأمر بالرجعة على الوجوب أو الاستحباب (١)؟

فقال الشافعي وأبو حنيفة والأوزاعي وابن أبي ليلى وسفيان الثوري وأحمدُ في إحدى الروايتين بل أشهرهما عنه: الأمر بالرجعة استحباب. قال بعضهم: لأن ابتداء النكاح إذا لم يكن واجبًا فاستدامته كذلك.

وقال مالك في الأشهر عنه, وداود وأحمد في الرواية الأخرى: الرجعة واجبة للأمر بها, ولأن الطلاقَ لمَّا كان محرّمًا في هذا الزمن كان بقاء النكاح واستدامته فيه واجبًا, وبهذا يبطل قولهم: إذا لم يجب ابتداء النكاح لم تجب استدامته, فإن الاستدامةَ هاهنا واجبة لأجل الوقت, فإنه لا يجوز فيه الطلاق.

قالوا: ولأن الرجعةَ إمساكٌ, بدليل قوله: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:٢٢٩] فالإمساك مراجعتها في العدة, والتسريح تركها حتى تنقضي عِدّتُها.

وإذا كانت الرجعة [ق ٩٥] إمساكًا, فلا ريب في وجوب إمساكها في زمن


(١) ينظر للأقوال في المسألة: «التمهيد»: (١٥/ ٦٧)، و «بدائع الصنائع»: (٣/ ٩١)، و «الهداية»: (٢/ ٥٣٤ - ٥٣٥)، و «المغني»: (١٠/ ٣٢٨)، و «روضة الطالبين»: (٨/ ٤)، و «فتح الباري»: (٩/ ٣٤٨).