للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ثم ليطلقها طاهرًا قبل أن يمسّ» دليلٌ على أن طلاقها في الطُّهْر الذي مَسّ فيه ممنوعٌ منه، وهو طلاق بدعة, وهذا متفق عليه.

فلو طلق فيه، قالوا: لم يجب عليه رجعتها, قال ابن عبد البر (١): أجمعوا على أن الرجعةَ لا تجب في هذه الصورة. وليس هذا الإجماع ثابتًا, وإن كان قد حكاه صاحب «المغني» (٢) أيضًا, فإنَّ أحدَ الوجهين في مذهب أحمد وجوب الرجعة في هذا الطلاق, حكاه في «الرعاية» (٣) , وهو القياس, لأنه طلاق محرَّم, فتجب الرجعةُ فيه, كما تجب في الطلاق في زمن الحيض.

ولمن فَرَّق بينهما أن يقول: زمن الطُّهْر وقت للوطء وللطلاق, وزمن الحيض ليس وقتًا لواحد منهما, فظهر الفرق بينهما, فلا يلزم من الأمر بالرجعة في غير زمن الطلاق الأمر بها في زمنه.

ولكن هذا الفرق ضعيفٌ جدًّا, فإن زمن الطُّهْر متى اتصل به المَسِيْس صار كزمن الحيض في تحريم الطلاق سواء, ولا فرق بينهما, بل الفرق المؤثِّر بين الناس: أن المعنى الذي وجبت لأجله الرجعة إذا طلقها حائضًا منتفٍ في صورة الطلاق في الطهر الذي مَسَّها فيه, فإنها إنما حَرُم طلاقُها في


(١) في «التمهيد»: (١٥/ ٦٩) بنحوه.
(٢) (١٠/ ٣٢٩).
(٣) ينظر «الإنصاف»: (٨/ ٤٥٢). والرعاية لابن حمدان الحراني الحنبلي (٦٩٥) وهي صغرى وكبرى، وذكر ابن رجب وابن مفلح وابن بدران أنهما غير محررتين، وأشار ابن مفلح إلى عدم الاعتماد عليهما. ينظر «المدخل المفصّل»: (٢/ ٧٤٥ - ٧٤٦) لبكر أبو زيد.