للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

زمن الحيض لتطويل العِدّة عليها, فإنها لا تُحْتَسب ببقية الحيضة قُرْءًا اتفاقًا، فتحتاج إلى استئناف ثلاثة قروء كوامل.

وأما الطُّهْر فإنها تعتدّ بما بقي منه قرءًا, ولو كان لحظة, فلا حاجة بها إلى أن يراجعها, فإنّ مَن قال: الأقراء الأطهار كانت أول عدتها عقيب (١) طلاقها, ومَن قال: هي الحيض استأنف بها بعد الطُّهْر, وهو لو راجعها ثم أراد أن يطلِّقها لم يطلّقْها إلا في طُهْر, فلا فائدة في الرجعة. هذا هو الفرق المؤثِّر بين الصورتين.

وبعدُ, ففيه إشكال لا يتنبّه له إلا من له خبرة بمآخِذِ الشّرْع وأسرارِه, وجَمْعِه وفَرْقِه؛ وذلك أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يطلِّقها إذا شاء قبل أن يمسّها, وقال: «فتلك العدة التي أمر بها الله أن تُطَلَّق لها النساء». وهذا ظاهرٌ في أن العِدّة إنما يكون استقبالُها مِن طُهْر لم يمسَّها فيه, إن دلّ على أنها بالأطهار, وأما طُهْر قد أصابها فيه فلم يجعله النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِن العِدّة التي أمَرَ الله أن تُطَلَّقَ لها النساء، فكما لا تكون عِدّتها متصلةً بالحيضة التي طلَّق فيها ينبغي أن لا تكون متصلةً بالطُّهر الذي مسَّها فيه؛ لأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سوّى بينهما في المنع من الطلاق فيهما, وأخبر أن العِدّة التي أمرَ (٢) الله أن تُطلَّقَ لها النساءُ هي مِن وقت الطُّهْر الذي لم يمسّها فيه. فمن أين لنا أن الطُّهْرَ الذي مسَّها فيه هو أول العِدّة التي أمر الله أن تُطلَّقَ لها النساء؟!

وهذا مذهب أبي عُبيد, وهو في الظهور والحجة كما ترى. وقال الإمام أحمد والشافعي ومالك وأصحابُهم: لو بقي من الطُّهْر لحظة حُسِبَت لها


(١) ط. الفقي: «عنده عقب»!
(٢) ط. الفقي: «أمر بها» خلاف الأصل و (هـ، ش).