قرءًا, وإن كان قد جامَعَ فيه, إذا قلنا: الأقراء الأطهار (١).
قال المنتصرون لهذا القول: إنما حَرُم الطلاقُ في زمن الحيض دفعًا لضرر تطويل العِدّة عليها, فلو لم تَحْتَسِب ببقية الطهرِ قُرءًا كان الطلاق في زمن الطُّهْر أضرَّ بها وأطولَ عليها. وهذا ضعيف جدًّا, فإنها إذ طُلِّقت فيه قبل المسيس احتسب به, وأما إذا طُلّقت بعد المسيس كان حكمها حكم المطلَّقة في زمن الحيض, فكما لا تحتسب ببقية الحيضة لا تحتسب ببقية هذا الطهر الممسوسة فيه.
قالوا: ولم يُحَرَّم الطلاق في الطُّهْر لأجل التطويل الموجود في الحيض, بل إنما حُرِّم لكونها مرتابة, فلعلها قد حَمَلت من ذلك الوطء, فيشتدّ ندمُه إذا تحقق الحمل, ويكثر الضرر. فإذا أراد أن يطلِّقَها طلَّقهَا طاهرًا من غير جماع, لأنهما قد تيقَّنا عدمَ الرِّيبة, وأما إذا ظَهَر الحملُ فقد دخَلَ على بصيرة، وأقْدَم على فراقها حاملًا.
قالوا: فهذا الفرق بين الطلاق في الحيض والطُّهْر المُجَامَع فيه. قالوا: وسِرُّ ذلك أن المرأةَ إن كانت حاملًا من هذا الوطء فعِدَّتها بوضع الحمل, وإن لم تكن قد حَمَلت منه فهو قرء صحيح, فلا ضررَ عليها في طلاقها فيه.
ولمن نصر قول أبي عبيد أن يقول: الشارعُ إنما جَعَل استقبال عِدّة المطلّقة مِن طُهرٍ لم يمسّها فيه, ليكون المطلِّق على بصيرة من أمره, والمطلَّقة على بصيرة مِن عِدَّتها أنها بالأقراء. فأما إذا مسَّها في الطُّهْر ثم
(١) ينظر: «المغني»: (١١/ ٢٠٣)، و «روضة الطالبين»: (٨/ ٢١٨)، و «تهذيب المدوّنة»: (٢/ ٤٠٩).