للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثاني مأمور به من جهة الرسول - صلى الله عليه وسلم -,فإذا عصاه المبلَّغ إليه فقد عصى أمرَ الرسول صلوات الله وسلامه عليه, والمأمور الأول مبلِّغ محض.

وإن كان الأمر متوجِّهًا إلى المأمور الأول توجُّه التكليف, والثاني غير مكلَّف, لم يكن أمرًا للثاني من جهة الشارع, كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «مروهم بالصلاة لسبع» (١). فهذا الأمر خطاب للأولياء بأمرهم الصبيانَ بالصلاة. فهذا فصل الخطاب في هذا الباب، والله أعلم بالصواب.

فهذه كلمات نبَّهنا بها على بعض فوائد حديث ابن عمر, ولا تستطِلْها, فإنها مشتملة على فوائد جمّة, وقواعد مهمة, ومباحث من (٢) قَصْده الظَّفَر بالحق, وإعطاء كلِّ ذي حقٍّ حقَّه, من غير ميلٍ مع ذي مذهبه, ولا خدمة لإمامه وأصحابه بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل تابعٌ للدليل، حريص على الظَّفَر بالسنة والسبيل, يدور مع الحقِّ أنى توجَّهت ركائبُه, ويستقرّ معه حيث استقرّتْ مضاربُه.

ولا يعرف قدرَ هذا السير إلا مَن علَتْ هِمَّتُه, وتطلَّعت نوازعُ قلبه, واستشرفت نفسُه إلى الارتضاع من ثدي الرسالة, والورود من عين حوض النبوة, والخَلاص مِن شِباك الأقوال المتعارضة, والآراء المتناقضة, إلى


(١) أخرجه أبو داود (٤٩٤)، والترمذي (٤٠٩)، وأحمد (١٥٣٣٩)، وابن خزيمة (١٠٠٢)، والحاكم (١/ ٢٥٨) من حديث عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده. قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة والحاكم، وحسّنه ابن القطان في «بيان الوهم»: (٤/ ١٣٨).
(٢) كذا في الأصول، وفي ط. الفقي: «لمن».