للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

طلقوهن مستقبلاتٍ عدّتَهنّ.

ويفسِّر هذا قراءة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عمر: «فطلقوهنّ في قُبُل عِدّتهن» (١) , أي في الوقت الذي تستقبل فيه العدة.

وعلى هذا فإذا طلقها في طُهرها استقبلت العِدَّةَ من الحيضة التي تليه, فقد طلقها في قُبُل عِدّتها, بخلاف ما إذا طلقها حائضًا, فإنها لا تعتدّ بتلك الحيضة, وينتظر فراغها وانقضاء الطهر الذي يليها ثم تشرع في العدة, فلا يكون طلاقُها حائضًا طلاقًا في قُبُل عِدّتها.

وقد أفردْتُ لهذه المسألة مصنّفًا مستقلًّا ذكرتُ فيه مذاهِبَ الناس ومآخِذَهم, وترجيحَ القول الراجح، والجوابَ عما احتجّ به أصحابُ القول الآخر (٢).

وقوله: «مُرْه فليراجعها» دليلٌ على أن الأمر بالأمر بالشيء أمرٌ به. وقد اختلف الناس في ذلك (٣) , وفَصْل النزاع: أن المأمور الأول إن كان مبلِّغًا محضًا، كأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - آحادَ الصحابة أن يأمر الغائبَ عنه بأمره, فهذا أمرٌ به من جهة الشارع قطعًا, ولا يَقْبل ذلك نزاعًا أصلًا, ومنه قوله: «مُرْها فلتَصْبِر ولتحتسب» (٤)، وقوله: «مروهم بصلاة كذا في حين كذا» (٥) ونظائره. فهذا


(١) أخرجه مسلم (١٤٧١/ ١٤).
(٢) ولم يُعثر عليه حتى الآن، يسّر الله الوقوفَ عليه.
(٣) ينظر: «المستصفى»: (٢/ ٩١ - ٩٢)، و «البحر المحيط»: (٣/ ٣٤٥)، و «إرشاد الفحول»: (١/ ٢٧٣).
(٤) أخرجه البخاري (٧٣٧٧)، ومسلم (٩٢٣) من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما -.
(٥) أخرجه البخاري (٦٨٥) من حديث مالك بن الحويرث - رضي الله عنه -.