للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد تقدم الكلام على عمرو بن شعيب. وروى عن عمرٍو هذا الحديث محمد بن راشد المكحولي، وفيه مقال (١).

قال بعضهم (٢): هذه أحكام وقعت في أول زمان الشريعة، وكان حدوثها ما بين الجاهلية وبين قيام الإسلام، كان لأهل الجاهلية إماء وهن البغايا اللواتي ذكرهن الله عز وجل في قوله: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النور: ٣٣]، إذ كانت السادة يلمُّون بهن، فإذا جاءت بولدٍ وكان سيِّدُها يطؤها وقد وطئها غيره بالزنا، فربما ادَّعاه الزاني وربّما ادّعاه السيد، فحكم - صلى الله عليه وسلم - بالولد لسيِّدها، لأن الأمة فراش له، ونفاه عن الزاني ــ ثم ذكر الاستلحاق (٣).

قال ابن القيم - رحمه الله -: وليس كما قال، فإن هذا القضاء إنما وقع بالمدينة بعد قيام الإسلام ومصيرها دارَ هجرة. وقد جعله النبي - صلى الله عليه وسلم - على صور:

الصورة الأولى: أن يكون الولد من أَمَته التي في ملكه وقت الإصابة، فإذا استلحقه لحق به من حين استلحقه، وما قسم من ميراث قبل استلحاقه لم يُنقَض ويورَثْ منه المستلحِق، وما كان بعد استلحاقه من ميراثٍ لم يُقسَم ورث منه نصيبه، فإنه إنما تثبت بُنُوَّته من حين استلحقه، فلا تنعطف على ما


(١) كذا، ولم يروِه محمد بن راشد عن عمرٍو مباشرة، وإنما بينهما سليمان بن موسى الأشدق. ومحمد بن راشد ثقة صدوق في روايته، وإنما تكلِّم فيه لأنه كان يرى القدر. وسليمان في حديثه بعض اضطراب، وقد سبق الكلام فيه بالتفصيل في «باب لا نكاح إلا بولي».
(٢) هو الخطابي في «معالم السنن» (٣/ ١٧٣).
(٣) هذه الفقرة من كلام المنذري أثبتناه من مخ «المختصر» (النسخة البريطانية)، وهي ساقطة من المطبوع، وذكرها بذكر طرفيها فقال: «قال المنذري: هذه أحكام وقعت في أول زمان الشريعة، إلى أن قال: ثم ذكر الاستلحاق».