للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي رواية قال: «هُوَ أخوك يا عبدُ».

وأخرجه البخاري والنسائي ومسلم وابن ماجه (١)

قيل في خصومتهما (٢): إن أهل الجاهلية كان يكون لهم إماء يبغين، وفيه نزل قوله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: ٣٣]، وكانت السادة تأتي الإماء في خلال ذلك. فإذا أتت إحداهن بولد فربما يدّعيه السيّد وربما يدّعيه الزاني. فإن مات السيد ولم يكن ادّعاه ولا أنكره، فادّعاه ورثته= لحق به، إلا أنه لا يشارك مستلحقه في ميراثه إلا أن يستلحقه قبل القِسمة، وإن كان السيد قد أنكره لم يلحق به بحال.

وكان لزمعةَ بنِ قيس (والدِ سودة زوجِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أمةٌ على ما وُصِف، مِن أنّ عليها ضريبةً وهو يلم بها، فظهر بها حملٌ كان يظن أنه من عتبةَ أخي سعد بن أبي وقاص، وهلك كافرًا، فعهِد إلى أخيه سعدٍ قبل موته فقال: استلحِق الحملَ الذي بأمة زمعة. فلما استلحقه سعد خاصمه عبدُ بن زمعة، فقال سعد: هو ابن أخي، يشير إلى ما كانوا عليه في الجاهلية، وقال عبد: بل هو أخي، ولِد على فراش أبي، يشير إلى ما استقرّ عليه الحكم في الإسلام، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعبد بن زمعة إبطالًا لحكم الجاهلية (٣).


(١) أبو داود (٢٢٧٣)، والبخاري (٢٠٥٣، ومواضع)، والنسائي (٣٤٨٤)، ومسلم (١٤٥٧)، وابن ماجه (٢٠٠٤).
(٢) قاله ابن الجوزي في «كشف المشكل» (٤/ ٢٩٠ - ٢٩١).
(٣) ذكر المجرّد في أن المؤلف ساق كلامَ المنذري إلى قوله: «إبطالًا لحكم الجاهلية»، وأكثره لا يوجد في مطبوعة «المختصر»، فاستدركناه من أصله الخطي (ق ٢/ ١٥٢ - النسخة البريطانية).