للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن القيم - رحمه الله -: وقد أشكل هذا الحديث على كثير من الناس، مِن حيث إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر سودة بالاحتجاب منه، وقد ألحقه بزمعة فهو أخوها، ولهذا قال: «الولد للفراش»؛ قالوا: فكيف يكون أخاها في الحكم وتؤمر بالاحتجاب منه؟

فقال بعضهم: هذا على سبيل الورع لأجل الشبه الذي رآه بِعُتبة (١).

وقال بعضهم: إنما جعله عبدًا لزمعة. قال: والرواية: «هو لك عبد» (٢)، فإنما جعله عبدًا لعبد بن زمعة لكونه رأى شبَهَه بعتبة، فيكون منه غير لاحق بواحدٍ منهما، فيكون عبدًا لعبد بن زمعة، إذ هو ولد زنا من جارية زمعة.

وهذا تصحيف منه وغلط في الرواية والمعنى، فإن الرواية الصحيحة: «هو لك يا عبدُ بنَ زمعة»، ولو صحّت رواية «هو لك عبد» فإنما هي على إسقاط حرف النداء، كقوله تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [يوسف: ٢٩]. ولا يتصور أن يجعله عبدًا له وقد أخبره أنه وُلد على فراش أبيه، ويحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن الولد للفراش.

وهذه الزيادة التي ذكرها أبو داود وهي قوله: «هو أخوك يا عبد» ترفع الإشكال، ورجال إسنادها ثقات (٣). ولو لم تأتِ فالحديث إنما يدل على إلحاقه بعبد أخًا له.


(١) ط. الفقي: «بعينه»، وط. المعارف: «بعينيه»، كلاهما تصحيف.
(٢) لم أعثر عليها.
(٣) وقد وردت من طريقٍ آخر أيضًا في «صحيح البخاري» (٤٣٠٣).