للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحكاه أبو يعلى ابن القاضي في «مفرداته» روايةً عن أحمد، وهي غريبة جدًا.

والثالث: أن لها السكنى دون النفقة. وهذا قول مالك (١) والشافعي (٢)، وفقهاء المدينة السبعة (٣)، وهو مذهب عائشة أم المؤمنين (٤).

وأسعد الناس بهذا الخبر من قال به، وأنه لا نفقة لها ولا سكنى. وليس مع من ردّه حجة تقاومه ولا تقاربه.

قال ابن عبد البر (٥): أما مِن طريق الحجة وما يلزم منها فقول أحمد بن حنبل ومن تابعه أصح وأرجح، لأنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نصًّا صريحًا؛ فأي شيء يعارِض هذا إلا مِثلُه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو المبين عن الله مرادَه؟ ولا شيء يدفع ذلك، ومعلوم أنه أعلمُ بتأويل قول الله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: ٦].

وأما قول عمر ومن وافقه، فقد خالفه علي وابن عباس ومن وافقهما، والحجة معهم. ولو لم يخالفهم أحد منهم لَما قُبِل قول المخالف لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة على عمر وعلى غيره.


(١) «الموطأ» (٢/ ٥٨١)، و «المدونة» (٥/ ٤٧١).
(٢) «الأم» (٦/ ٦٠٢ - ٦٠٣). وانظر: «نهاية المطلب في دراية المذهب» (١٥/ ٤٨٥).
(٣) انظر: «التمهيد» (١٩/ ١٤٨).
(٤) أخرج البخاري (٥٣٢١ - ٥٣٢٥) ومسلم (١٤٨٠/ ٤٠) أنها أنكرت على فاطمة بنت قيس حديثها. قال البيهقي: الأشبه أنها إنما أنكرت عليها النُقْلة من غير سبب، دون النفقة. «السنن الكبرى» (٧/ ٤٧٦) باختصار. يؤيّد ذلك قول فاطمة بنت قيس: «فكيف تقولون: لا نفقة لها إذا لم تكن حاملًا، فعلامَ تحبسونها؟» رواه مسلم (١٤٨٠/ ٤١).
(٥) «التمهيد» (١٩/ ١٥١)، والمؤلف صادر عن «المغني» لابن قدامة (١١/ ٤٠٣ - ٤٠٤).