للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحديث الفريعة حجة ظاهرة لا معارض لها (١).

وأما قوله تعالى: {فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: ٢٤٠]، وأنها (٢) نسخت الاعتداد في منزل الزوج= فالمنسوخ حكم آخر غير الاعتداد في المنزل، وهو استحقاقها للسكنى في بيت الزوج الذي صار للورثة سنةً، وصيةً أوصى الله بها الأزواج تُقدَّم به على الورثة، ثم نسخ ذلك بالميراث ولم يبق لها استحقاق في السكنى المذكورة، فإن كان المنزل الذي توفي فيه الزوج لها أو بَذل الورثة لها السكنى لزمها الاعتداد فيه، وهذا ليس بمنسوخ، فالواجب عليها فعل السكنى لا تحصيل المسكن، فالذي نسخ إنما هو اختصاصها بسكنى السنة دون الورثة، والذي أمرت به أن تمكث في بيتها حتى تنقضي عدتها، ولا تنافي بين الحكمين. والله أعلم.


(١) حديث فريعة هو أن زوجها خرج في طلب أعلاج له أَبَقُوا، فقُتل بطرف القَدُوم ــ وهو موضع ماءٍ ــ قالت: فأتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له من حالي، وذكرت له النُّقْلة إلى إخوتي، فرخّص لي، فلمّا جاوزتُ ناداني فقال: «امكُثي في بيتكِ حتى يبلغ الكتاب أجله». أخرجه مالك (١٧٢٩)، وأحمد (٢٧٠٨٧)، وأبو داود (٢٣٠٠)، والترمذي (١٢٠٤)، والنسائي (٣٥٢٨ - ٣٥٣٠)، وابن حبان (٤٢٩٢)، والحاكم (٢/ ٢٠٨)، كلهم من طريق سعد بن إسحاق بن كعب، عن عمّته زينب بنت كعب بن عُجرة، عن الفُرَيعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد الخدري، مختصرًا ومطوّلًا.

قال الترمذي: «حسن صحيح»، وصححه ابن حبان، وقال الحاكم: «صحيح الإسناد» ونقل عن محمد بن يحيى الذُّهلي تصحيحه. وضعَّفه ابن حزم في «المحلَّى» (١٠/ ٣٠٢) بجهالة زينب بنت كعب.
(٢) في الأصل والطبعتين: «فإنها»، تصحيف يفسد المعنى.