للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مكانه»، وقدم البيهقي هذه الرواية على رواية زيد بن وهب وجعلها خطأً، وقال: تظاهرت الروايات بالقضاء. قال: وكان يعقوب بن سفيان الفارسي (١) يَحمِل على زيد بن وهب بهذه الرواية المخالفة للروايات المتقدمة. قال: وزيد ثقة إلا أن الخطأ غير مأمون.

وفيما قاله نظر، فإن الرواية لم تتظاهر عن عمر بالقضاء، وإنما جاءت من رواية علي بن حنظلة عن أبيه، وكان أبوه صديقًا لعمر، فذكر القصة وقال فيها: «من كان أفطر فليصم يومًا مكانه». ولم أر الأمر بالقضاء صريحًا إلا في هذه الرواية (٢).

وأما رواية مالك فليس فيها ذكر للقضاء ولا لعدمه، فتعارضت رواية حنظلة و [رواية] زيد بن وهب، وتَفْضُلُها رواية زيد بن وهب بقدرِ ما بين


(١). هو الفسوي الحافظ (ت ٢٧٧)، وقد أخرج البيهقي أكثر روايات قصة عمر من طريقه، وهي في «المعرفة والتأريخ» له (٢/ ٧٦٥ - ٧٦٨)، ثم ذكر الفسوي عقبها حديثَين آخرين لزيد مستنكرًا لهما وقال: «حديث زيد فيه خلل كثير». وتعقّبه الذهبي بأنه لم يُصِب في الحَمْل على زيد بن وهب واستنكار أحاديثه، فإنه ثقة مخضرم من جلّة التابعين، من رجال الجماعة، متفق على الاحتجاج به، حتى إن الأعمش قال: إذا حدّثك زيد بن وهب عن أحد، فكأنك سمعته من الذي حدّثك عنه. انظر: «ميزان الاعتدال» (٢/ ١٠٧).
(٢). ورد الأمر بالقضاء في رواية أخرى أيضًا: رواية زياد بن علاقة، عن بِشر بن قيس، عن عمر. أخرجها عبد الرزاق (٧٣٩٤) والفسوي في «المعرفة والتأريخ» (٢/ ٧٦٦، ٧٦٧) من طُرق عن زياد به. رجالها ثقات، لكنها معلّة، فإن زيادًا لم يسمع من بشر، وبينهما رجل مبهم كما في رواية ابن أبي شيبة (٩٠٤٧). وانظر «العلل» لابن أبي حاتم (٦٦٩).