للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صومه؟ وفساد صوم الناسي أولى منه، لأن فعله غير مأذون له فيه، بل غايته أنه عفو، فهو دون المخطئ الجاهل في العذر.

وبالجملة: فلم يُفرَّق بينهما في الحج، ولا في مفسدات الصلاة، كحمل النجاسة وغير ذلك.

وما قيل من الفرق بينهما بأن الناسي غير مكلف والجاهل مكلف؛ إن أريد به التكليف بالقضاء فغير صحيح، لأن هذا هو المتنازع فيه. وإن أريد به أن فعل الناسي لا ينتهض سببًا للإثم ولا يتناوله الخطاب الشرعي، فكذلك فعل المخطئ. وإن أريد أن المخطئ ذاكر لصومه مُقْدِم على قطعه، ففِعله داخل تحت التكليف بخلاف الناسي= فلا يصحّ أيضًا لأنه يعتقد خروج زمن الصوم، وأنه مأمور بالفطر، فهو مُقْدِم على فعل ما يعتقده جائزًا، وخطؤه في بقاء اليوم كنسيان الآكل في اليوم، فالفعلان سواء، فكيف يتعلق التكليف بأحدهما دون الآخر؟!

وأجود ما فرق به بين المسألتين: أن المخطئ كان متمكّنًا من إتمام صومه بأن يؤخر الفطر حتى يتيقّن الغروب، بخلاف الناسي فإنه لا يضاف إليه الفعل، ولم يكن يمكنه الاحتراز.

وهذا، وإن كان فرقًا في الظاهر، فهو غير مؤثر في وجوب القضاء، كما لم يؤثر في الإثم اتفاقًا. ولو كان منسوبًا إلى تفريط لَلَحِقَه الإثم، فلما اتفقوا على أن الإثم موضوع عنه دل على أن فعله غير منسوب فيه إلى تفريط، لا سيما وهو مأمور بالمبادرة إلى الفطر. والسبب الذي دعاه إلى الفطر غير منسوب إليه في الصورتين، وهو النسيان في مسألة الناسي، وظهورُ الظلمة وخفاءُ النهار في صورة المخطئ؛ فهذا أطعمه الله وسقاه بالنسيان، وهذا