للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للعذر، ويجوز الخروج من صوم الفرض بعذر المرض. والواقعة حكاية فعل، لا عموم لها.

ولا يقال: قوله «وهو صائم» جملةُ حالٍ مقارنةٍ للعامل فيها، فدل على مقارنة الصوم للحجامة؛ لأن الراوي لم يذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إني باقٍ على صومي، وإنما رآه يحتجم وهو صائم، فأخبر بما شاهده ورآه، ولا علم له بِنيَّة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا بما فعل بعد الحجامة، مع أن قوله: «وهو صائم» حال من الشروع في الحجامة وابتدائها، فكان ابتداؤها مع الصوم، وكأنه قال: احتجم في اليوم الذي كان صائمًا فيه، ولا يدل ذلك على استمرار الصوم أصلا. ولهذا نظائر منها: حديث الذي وقع على امرأته وهو صائم، وقوله في «الصحيحين» (١): وقعت على امرأتي وأنا صائم. والفقهاء وغيرهم يقولون: وإن جامع وهو محرم، وإن جامع وهو صائم، ولا يكون ذلك فاسدًا من الكلام، فلا تُعطَّل نصوص الفطر بالحجامة بهذا اللفظ المُحتمِل.

وأما قوله: «احتجم وهو محرم صائم»، فلو ثبتت هذه اللفظة لم يكن فيها حجة لما ذكرناه، ولا دليل فيها أيضًا على أن ذلك كان بعد قوله: «أفطر الحاجم والمحجوم»، فإن هذا القول منه كان في رمضان سنة ثمان من الهجرة عام الفتح، كما جاء في حديث شداد، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم بعمرة الحديبية سنة ست، وأحرم من العام القابل بعمرة القضية، وكلا العمرتين (٢) قبل ذلك، ثم دخل مكة عام الفتح ولم يكن محرمًا، ثم حج حجة الوداع،


(١). البخاري (١٩٣٦) ومسلم (١١١١) من حديث أبي هريرة، وليس عند مسلم موضع الشاهد.
(٢). الوجه: «وكلتا العمرتين»، وتذكير «كلا» في مثله شائع في كتب المؤلف.