للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قيل: هذا سؤال يحتاج إلى جواب، وجوابه أن يقال: زمن الحيض جعله الشارع منافيًا لشرعيّة العبادات, من الصلاة والصوم والاعتكاف. فليس وقتًا لعبادة الحائض, فلا يُرتَّب (١) عليها فيه شيء. وأما العاجز فالوقت في حقّه قابل لترتُّب العبادة المقدورة في ذمّته, فالوقت في حقِّه غير منافٍ لشرعية العبادة بحسب قدرته, بخلاف الحائض, فالعاجز ملحَقٌ بالمريض المعذور الذي يُؤمر بما يقدر عليه, ويسقط عنه ما يعجز عنه, والحائض ملحقة بمن هو من غير أهل التكليف, فافترقا.

ونُكْتة الفرق: أنَّ زمن الحيض ليس بزمنِ تكليفٍ بالنسبة إلى الصلاة, بخلاف العاجز, فإنه مكلَّف بحسب الاستطاعة, وقد ثبت في "صحيح مسلم" (٢): أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بعث أُناسًا لطلب قلادةٍ أضلّتها عائشة، فحضرت الصلاةُ, فصلَّوا بغير وضوء, فأتوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فذكروا ذلك له, فنزلت آية التيمم. فلم يُنكر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عليهم, ولم يأمرهم بالإعادة. وحالةُ [ق ٦] عدم التراب كحالة عدم مشروعيته ولا فرق, فإنهم صلَّوا بغير تيمُّم لعدم مشروعية التيمم حينئذٍ. فهكذا من صلى بغير تيمّم لعدم ما يتيمم به, فأي فرقٍ بين عدمه في نفسه وعدم مشروعيته؟

فمقتضى القياس والسنة أن العادم يصلي على حسب حاله, فإنّ الله لا يكلِّف نفسًا إلا وسعها، ولا يعيد, لأنه فَعَل ما أُمِر به, فلم تجب عليه الإعادة, كمن ترك القيام والاستقبال والسترة والقراءة لعجزه عن ذلك, فهذا موجَب النص والقياس.


(١) في الطبعتين: "يترتب" وما أثبته أقرب إلى رسم الأصل و (ش).
(٢) رقم (٣٦٧)، وهو في "صحيح البخاري" (٣٣٦) أيضًا.