للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن قيل: القيام له بدَلٌ, وهو القعود, فقام بدله مقامه, كالتراب عند عدم الماء, والعادمُ هنا صلَّى بغير أصلٍ ولا بدَلٍ.

قيل: هذا هو مأخذ المانعين من الصلاة والموجبين للإعادة, ولكنه منتقضٌ بالعاجز عن السُّترة، فإنه يصلي من غير اعتبار بَدَل, وكذلك العاجز عن الاستقبال, وكذلك العاجز عن القراءة والذِّكر.

وأيضًا فالعجز عن البَدَل في الشرع كالعجز عن المبْدَل (١) سواء. هذه قاعدة الشريعة.

وإذا كان عجزه عن المبْدَل لا يمنعه من الصلاة, فكذلك عجزه عن البدل. وستأتي المسألة مستوفاة في باب التيمم إن شاء الله (٢).

وفي الحديث دليل على اعتبار النية في الطهارة بوجهٍ بديع. وذلك لأنه - صلى الله عليه وسلم - جعل الطهور مفتاح الصلاة, التي لا تُفْتَتح ويُدْخَل فيها إلا به, وما كان مفتاحًا للشيء كان قد وُضع لأجله وأُعدّ له. فدلَّ على أن كونه مفتاحًا للصلاة هو جهة كونه طهورًا, فإنه إنما شُرع للصَّلاة وجُعِل مفتاحًا لها. ومن المعلوم أن ما شُرِع للشيء ووُضِع لأجله لا بدّ أن يكون الآتي به قاصدًا ما جُعِل مفتاحًا له ومدخلًا إليه. هذا هو المعروف حسًّا كما هو ثابت شرعًا. ومن المعلوم أن من سقط في ماء وهو لا يريد التطهُّر، لم يأتِ بما هو مفتاح الصلاة, فلا تُفْتَح له الصلاة. وصار هذا كمن حكى عن غيره أنه قال: "لا إله إلا الله" وهو غير قاصد لقولها, فإنها لا تكون مفتاحًا للجنة منه؛ لأنه لم


(١) زاد في ط. الفقي بعده "منه" وليس لها داعٍ.
(٢) لعلها فيما لخَّصه المؤلف من كلام المنذري فلم يذكره المجرِّد هنا.