للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تقدم من الأحاديث. وعلى هذا، فيكون معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تصوموا يوم السبت» أي لا تقصدوا صومه بعينه إلا في الفرض، فإن الرجل يقصد صومه بعينه بحيث لو لم يجب عليه إلا صوم يوم السبت، كمن أسلم ولم يبق من الشهر إلا يوم السبت، فإنه يصومه وحده.

وأيضًا فقصده بعينه في الفرض لا يكره، بخلاف قصده بعينه في النفل، فإنه يكره. ولا تزول الكراهة إلا بضم غيره إليه، أو موافقته عادة. فالمزيل للكراهة في الفرض مجرد كونه فرضًا، لا المقارنة بينه وبين غيره. وأما في النفل فالمزيل للكراهة ضم غيره إليه، أو موافقته عادة، ونحو ذلك.

قالوا: وأما قولكم: إن الاستثناء دليل التناول ... إلى آخره، فلا ريب أن الاستثناء أخرج صورة الفرض من عموم النهي، وصورةُ الاقتران بما قبله أو بما بعده أُخرِجت بالدليل الذي تقدم. فكلا الصورتين (١) مُخرَج، أما الفرض فبالمُخرِج المتصل، وأما صومه مضافًا فبالمُخرِج المنفصل، فبقيت صورة الإفراد، واللفظ متناول لها، ولا مُخرِجَ لها من عمومه، فيتعين حمله عليها.

ثم اختلف [ق ١٣٢] هؤلاء في تعليل الكراهة، فعلّلها ابنُ عَقيل بأنه يوم يُمسك فيه اليهود ويخصونه بالإمساك، وهو ترك العمل فيه، والصائم في مظنة ترك العمل فيصير صومه تشبُّهًا بهم، وهذه العلة منتفية في الأحد. ولا يقال: فهذه العلة موجودة إذا صامه مع غيره، ومع هذا فإنه لا يكره؛ لأنه إذا صامه مع غيره لم يكن قاصدًا إلى تخصيصه المقتضي للتشبّه، وشاهدُه استحباب ضمّ (٢) يومٍ قبلَ عاشوراء وبعده إليه لتنتفي صورة الموافقة.


(١). كذا في الأصل بتذكير «كلا»، وانظر ما سبق (ص ٤٧).
(٢). في الأصل والطبعتين: «صوم»، وهو تصحيف يدّل عليه قوله: «إليه» بعده. وانظر نحو هذه العبارة على الصواب في «زاد المعاد» (١/ ٤٠٦).