للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

«من كان لم يَصُم فَلْيَصُم».

قالوا: فهذا أمرٌ بإنشاء الصيام من النهار، وهذا لا يجوز إلا في التطوع. وأما الصيام الواجب فلا يصح إلا بنية قبل الفجر.

الحجة الثالثة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر المفطرين فيه إذ ذاك بالقضاء.

واحتج الأولون بحجج:

إحداها: ما خرّجا في «الصحيحين» (١) عن عائشة قالت: كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه. فلما هاجر إلى المدينة صامه، وأمر بصيامه. فلما فرض شهر رمضان قال: «من شاء صامه، ومن شاء تركه».

وفي «صحيح البخاري» (٢) عن ابن عمر قال: صام النبي - صلى الله عليه وسلم - عاشوراء وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان تُرِك.

قالوا: ومعلوم أن الذي تُرِك هو وجوب صومه لا استحبابه، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرغّب فيه، ويخبر أن صيامه كفارة سنة. وقد أخبر ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصومه إلى حين وفاته وأنه عزم قبل وفاته بعام على صيام التاسع، فلو كان المتروك مشروعيته لم يكن لقصد المخالفة بضم التاسع إليه معنى، فعلم أن المتروك هو وجوبه.

الحجة الثانية: أن في «الصحيحين» (٣) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر من كان أكل بأن


(١). البخاري (٢٠٠٢)، ومسلم (١١٢٥).
(٢). البخاري (١٨٩٢).
(٣). كما في حديث سلمة بن الأكوع المتقدم، وأيضًا في حديث الرُّبَيِّع بنت معوِّذ - رضي الله عنهما - عند البخاري (١٩٦٠) ومسلم (١١٣٦).