للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالصواب ممن أدرجه, وقد اتفق مَن روى تشهّد ابنِ مسعود على حذفه (١).

وأما كون النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعلِّمه المسيءَ في صلاته, فما أكثرَ ما يُحتجّ بهذه الحجة على عدم واجبات في الصلاة, ولا تدل، لأن المسيء لم يسئ في كلِّ جزء من الصلاة, فلعله لم يسئ في السلام, بل هذا هو الظاهر, فإنهم لم يكونوا يعرفون الخروج منها إلا بالسلام.

وأيضًا فلو قُدِّر أنه أساء فيه لكان غاية ما يدلّ عليه تركُه التعليمَ = استصحابَ براءةِ الذّمة من الوجوب, فكيف يقدَّم على الأدلة الناقلة لحكم [ق ٨] الاستصحاب؟

وأيضًا فأنتم لم توجبوا في الصلاة كلَّ ما أَمَر به المسيءَ, فكيف تحتجّون بترك أَمْره على عدم الوجوب؟ ودلالة الأمر على الوجوب أقوى من دلالة تركه على نفي الوجوب, فإنه قال: "إذا قمتَ إلى الصلاة فكبِّر" ولم توجبوا التكبيرَ, وقال: "ثم اركع حتى تطمئنَّ راكعًا"، وقلتم: لو ترك الطمأنينة لم تبطل صلاته وإن كان مسيئًا.

وأما قولكم: إنه ليس من الصلاة, فإنه ينافيها ويخرج منها به.

فجوابه: أن السلام مِن تمامها، وهو نهايتها, ونهاية الشيء منه ليس خارجًا عن حقيقته, ولهذا أضيف إليها إضافة الجزء, بخلاف مفتاحها, فإن إضافته إضافة مُغاير, بخلاف تحليلها فإنه يقتضي أنه لا يتحلَّل منها إلا به.

وأما بطلان الصلاة إذا فعله في أثنائها؛ فلأنه قَطْع لها قبل إتمامها, وإتيانُ نهايتِها قبل فراغها, فلذلك أبطلها, فالتسليم آخرها وخاتمها, كما في


(١) تشهّد ابن مسعود أخرجه البخاري (٦٢٦٥)، ومسلم (٤٠٢).