للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى حديث المنع في اللبن أولى. وإن كانت غير مؤَثِّرة ولا فرق بين البابين، كانت الإباحة شاملةً لهما. وحينئذ فيكون حديث النهي متناولًا للمُحتَلِب غير الشارب، بل محتلبه كالمتخذ خبنةً من الثمار، وحديث الإباحة متناول للمحتلب الشارب فقط دون غيره.

ويدل على هذا التفريق قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث سمرة: «فليحتلب وليشرب ولا يحمل»، فلو احتلب للحمل كان حرامًا عليه. فهذا هو الاحتلاب المنهي عنه في حديث ابن عمر. والله أعلم.

ويدل عليه أيضًا: أن في حديث المنع ما يشعر بأن النهي إنما هو عن نقل اللبن دون شربه، [ق ١٥٠] فإنه قال: «أيحب أحدكم أن تؤتى مَشْرُبَتُه فيُكسر باب خِزانته فينتقل طعامه؟».

ومما يدل على الجواز: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الثمر المعلَّق؟ فقال: «من أصاب منه من ذي حاجةٍ غيرِ متخذ خبنة، فلا شيء عليه» (١). وهو من رواية محمد بن عجلان عن عمرو، ومحمد بن عجلان احتج به مسلم. والحديث حسن، خرجه أهل السنن.

فإن قيل: فهذا دليل على جواز أكل المحتاج، ونحن نقول: له أن يأكل عند الضرورة وعليه القيمة، وقوله: «لا شيء عليه» هو نفي للعقوبة لا للغُرْم.

فالجواب: أن هذا الحديث روي بوجهين:

أحدهما: «وإن أكل بفيه ولم يأخذ فيتخذ خبنة، فليس عليه شيء» (٢).


(١) سبق تخريجه.
(٢) هذا لفظ البيهقي (٩/ ٣٥٩)، وبنحوه عند ابن أبي شيبة (٢٠٦٧٨) وأحمد (٦٩٣٦).