للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الشافعي (١): الفرَعة شيء كان أهل الجاهلية يطلبون به البركة في أموالهم، فكان أحدهم يذبح بِكر ناقته لا يَغذُوه رجاء البركة فيما يأتي بعده، فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «افرعوا إن شئتم» (٢) أي اذبحوا إن شئتم. وكانوا يسألونه عما يصنعونه في الجاهلية خوفًا أن يُكره في الإسلام، فأعلمهم أنهم لا بركة لهم فيه، وأمرهم أن يغذوه، ثم يحملون عليه في سبيل الله.

قال البيهقي: أو يذبحونه ويُطعمونه، كما في حديث نبيشة.

قال الشافعي: وقوله: «الفرَعة حق» (٣) أي ليست بباطل، ولكنه كلام عربي يخرج على جواب السائل. قال الشافعي: وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا فرَع ولا عتيرة»، وليس باختلاف من الرواة، إنما هو: لا فرَعة ولا عتيرة واجبة. والحديث الآخر في الفرعة والعتيرة يدل على معنى هذا أنه أباح


(١) أسنده عنه البيهقي في «معرفة السنن» (١٤/ ٧٤ - ٧٥) ــ واللفظ له ــ، وفي «السنن الكبرى» (٩/ ٣١٣).
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٧٩٩١، ٧٩٩٤) من مرسل طاوس ومجاهد، وتتمة مرسل طاوس: «وأن تدعه حتى يبلغ فتحمِلَ عليه في سبيل الله، أو تصل به قرابةً خير من أن تذبحه فيختلط لحمُه بشعره».
ويشهد لهذا المرسل ما تقدم من أحاديث أبي رزين العُقَيلي، والحارث بن عمرو السهمي، ونبيشة الهذلي، وما سيأتي من حديث عبد الله بن عمرو.
(٣) جزء من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -، وتمامه: «سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الفرع، قال: الفرع حقٌّ، وأن تتركوه حتى يكون بَكرًا شُغْزُبًّا ابنَ مخاضٍ، أو ابنَ لبون، فتُعطيه أرملةً أو تحمل عليه في سبيل الله خيرٌ من أن تذبحه فيَلْزق لحمُه بوبره، وتكفَأَ إناءَك، وتُولِهَ ناقتك». أخرجه أحمد (٦٧٥٩)، وأبو داود (٢٨٤٢)، والحاكم (٤/ ٢٣٦)، من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جدّه.