للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومعلوم أن النهي لا يكون إلا عن شيء قد كان يُفعَل، ولا نعلم أن أحدًا من أهل العلم يقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينهاهم عنهما ثم أذن فيهما.

والدليل على أن الفعل كان قبل النهي: قوله في حديث نبيشة: «إنا كنا نَعتِر عتيرة في الجاهلية، وإنا كنا نُفرِّع فَرَعًا في الجاهلية».

وفي إجماع عوامّ علماء الأمصار أن استعمالهما (١) ذلك وقوف عن الأمر بهما، مع ثبوت النهي عن ذلك= بيانٌ لما قلنا.

وقد كان ابن سيرين من بين أهل العلم يذبح العتيرة في شهر رجب، وكان يروي فيها شيئًا. وكان الزهري يقول: «الفرعة أول نتاج، والعتيرة شاة كانوا يذبحونها في رجب» (٢). آخر كلام ابن المنذر.

وقال أبو عبيد (٣): هذا منسوخ. وكان إسحاق بن راهويه يحمل قوله: «لا فرع ولا عتيرة» أي لا يجب ذلك، ويحمل هذه الأحاديث على الإذن فيها (٤). قال الحازمي (٥): وهذا أولى مما سلكه ابن المنذر.


(١) في الأصل و (هـ): «استعمالها»، والتصحيح من «الاعتبار»، وفي مطبوعة «الإشراف»: «عن استعمالهما، والوقوف عن الأمر بهما».
(٢) أخرجه الحميدي في «المسند» (١١٢٦)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار (١٠٦١). وهو في «الصحيحين» عقب حديث «لا فَرَع ولا عتيرة» دون التصريح أنه من قول الزهري، والحديث مروي من طريقه.
(٣) «غريب الحديث» (١/ ٢٤٧ - ٢٤٨).
(٤) انظر قول إسحاق في «مسنده» عقب الحديث (١٠٣٤).
(٥) «الاعتبار» (ص ٥٧٣).