للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كان كذلك فاحتمال تخصيصه قريب، فيكفي فيه أدنى دليل. وخبر أم سلمة صريح في النهي، فلا يجوز تعطيله.

وأيضًا: فأم سلمة تخبر عن قوله وشرعه لأمته، فيجب امتثاله. وعائشة تخبر عن نفيٍ مستنِدٍ إلى رؤيتها، وهي إنما رأت أنه لا يصير بذلك مُحرِمًا يَحرُم عليه ما يحرم على المحرم، ولم تخبر عن قوله: إنه لا يحرم على أحدكم بذلك شيء، وهذا لا يعارض صريح لفظه.

وأما رد الحديث بالقياس، فلو لم يكن فيه إلا أنه قياس فاسد مصادم للنص لكفى ذلك في رد القياس، ومعلوم أن رد القياس بصريح السنة أولى من رد السنة بالقياس، وبالله التوفيق. كيف وإن تحريم النساء والطيب واللِّبس أمر يختص بالإحرام، لا يتعلق بالضحية! وأما تقليم الظفر وأخذ الشعر فإنه من تمام التعبد بالأضحية، وقد تقدم حديث عبد الله بن عمرو أول الباب، وقوله: «تأخذ من شعرك، وتحلق عانتَك، فتلك تمامُ ضحيَّتِك (١) عند الله» (٢)، فأحب النبي - صلى الله عليه وسلم - توفير الشعر والظفر في العشر ليأخذه مع [ق ١٥٥] الضحية، فيكون ذلك من تمامها عند الله.

وقد شهد لذلك أيضًا: أنه - صلى الله عليه وسلم - شرع لهم إذا ذبحوا عن الغلام عقيقته أن يحلقوا رأسه، فدل على أن حَلْق رأسه مع الذبح أفضل وأولى، وبالله التوفيق.


(١) كذا في الأصل، وهو لفظ النسائي في «الكبرى» (٤٤٣٩)، وفي «الطبعتين»: «أضحيتك» وفاقًا لأكثر مصادر التخريج.
(٢) أخرجه أحمد (٦٥٧٥)، وأبو داود (٢٧٨٩)، والنسائي (٤٣٦٥)، وابن حبان (٥٩١٤)، والحاكم (٤/ ٢٢٣) وقال: «صحيح الإسناد».