للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال البيهقي (١): وهذه الزيادة إذا كانت محفوظةً كانت رخصة له، كما رخّص لأبي بُردة بن نِيار، وعلى مثل هذا يُحمَل معنى حديث زيد بن خالد الجهني الذي أخرجه أبو داود هاهنا.

وقال غيره: حديث عُقبة منسوخ بحديث أبي بردة، لقوله: «ولن تَجزي عن أحد بعدك». وفيما قاله نظر، فإن في حديث عقبة أيضًا: «ولا رخصة لأحد فيها بعدك». وأيضًا فإنه لا يُعرف المتقدّم منهما من المتأخر.

وقد أشار البيهقي (٢) إلى أن الرخصة ايضًا لعقبة وزيد بن خالد، كما كانت لأبي بُردة.

قال ابن القيم - رحمه الله -: وهذا لا يصح، فإن قوله لأحد هؤلاء: «ولن تَجزي عن أحد بعدك» (٣) و «لا رخصة فيها لأحد بعدك» ينفي تعدد الرخصة. وقد كنا نستشكل هذه الأحاديث إلى أن يسر الله بإسفارِ صُبْحِها (٤) وزوالِ إشكالها، فله الحمد، فنقول:

أما حديث أبي بردة بن نيار فلا ريب في صحته، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: في الجَذَعة من المعز: «ولن تَجزي عن أحدٍ بعدك»، وهذا قطعًا ينفي أن


(١) «السنن الكبرى» (٩/ ٢٧٠).
(٢) «السنن الكبرى» (٩/ ٢٧٠)، وقد سبق نص كلامه آنفًا.
(٣) قاله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بُردة بن نيار في قصته المشهورة حين استعجل الذبح قبل الصلاة فلم يُعتدّ بها نُسُكًا، فأراد أن يضحّي بعد الصلاة بِعَناقٍ جَذَعةٍ لم يكن عنده غيرها. أخرجها البخاري (٩٥٥، ومواضع) ومسلم (١٩٦١) من حديث البراء بن عازب.
(٤) في الطبعتين: «بإسناد صحتها»، تحريف.