للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تكون مُجزئةً عن أحد بعده.

وأما حديث عقبة بن عامر، فإنما وقع فيه الإشكال أنه جاء في بعض ألفاظه أنه بقيتْ له جَذَعة (١). وقد ثبت في «الصحيحين»: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه غنمًا يَقسِمها على صحابته ضحايا فبقي عَتُود، فذكره للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ضحِّ به أنت»، فظن من ظن: أن العتود: هو الجَذَع من ولد المعز، فاستشكله وقَوَّى هذا الإشكالَ عنده روايةُ يحيى بن بُكَير عن الليث في هذا الحديث: «ولا رخصة فيها لأحد بعدك».

ولكن العتود من ولد المعز: ما قوي ورَعَى، وأتى عليه حول، قاله الجوهري (٢)، وكذلك كلام غيره من أئمة اللغة قريب منه. قال بعضهم (٣): ما بلغ السِّفاد. وقال بعضهم (٤): ما قوي وشبَّ. وعلى هذا فيكون هو الثَنِيُّ من المعز، فتجوز الضحية به. ومن رواه «فبقي جذَع» لم يقل: فيه جذع من المعز، ولعله ظن أن العتود هو الجذع من المعز فرواه كذلك، والمحفوظ: «فبقي عتود»، وفي لفظ «فأصابني جذع»، وليس في «الصحيح» إلا هاتان اللفظتان. وأما «جذع من المعز»، فليس في حديث عقبة، فلا إشكال فيه.

فإن قيل: فما وجه قوله: «ولا رخصة فيها لأحد بعدك»؟

قيل: هذه الزيادة غير محفوظة في حديثه، ولا ذكرها أحد من أصحاب «الصحيحين»، ولو كانت في الحديث لذكروها ولم يحذفوها، فإنه لا يجوز


(١) هكذا في روايةٍ للبخاري (٥٥٤٧)، ومسلم (١٩٦٥/ ١٦).
(٢) «الصحاح» (٢/ ٥٠٥).
(٣) حكاه في «العين» (٢/ ٢٩).
(٤) هو أبو عبيد القاسم بن سلَّام في «غريب الحديث» (٣/ ٢١٣).